ثمّ إنّ التفتازاني وإن أخذته العصبية في الدعوة إلى ترك الكلام في حقّ البغاة والجائرين ، لكنّه أصحر بالحقيقة فقال :
ما وقع بين الصحابة من المحاربات والمشاجرات على الوجه المسطور في كتب التاريخ ، والمذكور على السنة الثقات يدلّ بظاهره على أنّ بعضهم حاد عن طريق الحق ، وبلغ حدّ الظلم والفسق ... إلّا أنّ العلماء لحسن ظنّهم بالصحابة ذكروا لها محامل وتأويلات بها تليق ...». (١)
إنّ بعض المنصفين من المصريّين المعاصرين (٢) قد اعترف بالحقّ ، وأراد الجمع بين رأيي السنّة والشيعة في حقّ الصحابة ، فقال :
إنّ منهج أهل السنّة في تعديل الصحابة أو ترك الكلام في حقّهم منهج أخلاقي ، وإنّ طريقة الشيعة في نقد الصحابة وتقسيمهم إلى عادل وجائر منهج علمي ، فكلّ من المنهجين مكمّل للآخر ـ إلى أن قال : ـ إنّ الشيعة وهم شطر عظيم من أهل القبلة يضعون جميع المسلمين في ميزان واحد ، ولا يفرّقون بين صحابي وتابعي ومتأخر ، كما لا يفرقون بين متقدّم في الإسلام وحديث عهد به إلّا باعتبار درجة الأخذ بما جاء به حضرة
__________________
(١) شرح المقاصد : ٥ / ٣١٠.
(٢) الأستاذ داود حنفي المصري.