وأمّا اللذان ثابتان له تعالى ، فهما : بساطة ذاته ، وعدم المثل والنظير له ، حيث قال:
«وأمّا الوجهان اللّذان يثبتان فيه ، فقول القائل : هو واحد ليس له في الأشياء شبه ... وأنّه عزوجل أحديّ المعنى .... لا ينقسم في وجود ولا عقل ولا وهم ...» (١).
إنّ كلمات المسيحيين في كتبهم الكلاميّة تحكي عن أنّ الاعتقاد بالتثليث من المسائل الأساسية الّتي تبتني عليها عقيدتهم ، ولا مناص لأيّ مسيحي من الاعتقاد به ، وفي عين الوقت يعتبرون أنفسهم موحّدين غير مشركين ، وأنّ الإله في عين كونه واحداً ثلاثة ومع كونه ثلاثة واحد أيضاً.
وأقصى ما عندهم في تفسير الجمع بين هذين النقيضين هو أنّ عقيدة التثليث عقيدة تعبّديّة محضة ولا سبيل إلى نفيها وإثباتها إلّا الوحي ، فإنّها فوق التجربيات الحسيّة والإدراكات العقليّة المحدودة للإنسان.
ويلاحظ عليه أنّ عقيدة التثليث بالتفسير المتقدّم مشتملة على التناقض الصريح ، إذ من جانب يعرّفون كلّ واحد من الآلهة الثلاثة بأنّه متشخّص ومتميّز عن البقية ، وفي الوقت نفسه يعتبرون الجميع واحداً
__________________
(١) التوحيد للصدوق : الباب ٣ ، الحديث ٣.