حقيقة لا مجازاً ، أفيمكن الاعتقاد بشيء يضادّ بداهة العقل ، ثمّ إسناده إلى ساحة الوحي الإلهي؟
وأيضاً نقول : ما هو مقصودكم من الآلهة الثلاثة الّتي تتشكّل منها الطبيعة الإلهية الواحدة ، فإنّ لها صورتين لا تناسب واحدة منهما ساحته سبحانه :
١. أن يكون لكلّ واحد من هذه الآلهة الثلاثة وجوداً مستقلاً عن الآخر بحيث يظهر كلّ واحد منها في تشخّص ووجود خاص ، ويكون لكلّ واحد من هذه الأقانيم أصل مستقلّ وشخصيّة خاصّة مميّزة عمّا سواها.
لكن هذا هو الاعتقاد بتعدّد الإله الواجب بذاته ، وقد وافتك أدلّة وحدانيته تعالى.
٢. أن تكون الأقانيم الثلاثة موجودة بوجود واحد ، فيكون الإله هو المركّب من هذه الأُمور الثلاثة ، وهذا هو القول بتركّب ذات الواجب ، وقد عرفت بساطة ذاته تعالى. (١)
__________________
(١) فإن قلت : إنّ هاهنا تفسيراً آخر للتثليث وهو أنّ الحقيقة الواحدة الإلهية تتجلّى في أقانيم ثلاثة.
قلت : تجلّي تلك الحقيقة فيها لا يخلو عن وجهين : الأوّل ، أن تصير بذلك ثلاث ذوات كلّ منها واجدة لكمال الحقيقة الإلهية ، وهذا ينافي التوحيد الذاتي. والثاني أن تكون الذات الواجدة لكمال الأُلوهية واحدة ولها تجلّيات صفاتية وأفعالية ومنها المسيح وروح القدس ، وهذا وإن كان صحيحاً إلّا أنّه ليس من التثليث الّذي يتبنّاه المسيحيون في شيء.