ناظرة إلى مقام الواقع العيني ، ولا يمتنع كون الشيء على درجة من الكمال يكون فيها كلّه علماً وقدرة وحياة ومع ذلك فينتزع منه باعتبارات مختلفة صفات متعدّدة متكثّرة ، وهذا كما أنّ الإنسان الخارجي مثلا بتمام وجوده مخلوق لله سبحانه ، ومعلوم له ومقدور له ، من دون أن يخصّ جزء منه بكونه معلوماً وجزء آخر بكونه مخلوقاً أو مقدوراً ، بل كلّه معلوم وكلّه مخلوق ، وكلّه مقدور.
ثمّ إنّ الشيخ الأشعري استدلّ على نظرية الزيادة بأنّه يستحيل أن يكون العلم عالماً ، أو العالم علماً ، ومن المعلوم انّ الله عالم ، ومن قال : إنّ علمه نفس ذاته لا يصحّ له أن يقول إنّه عالم ، فتعيّن أن يكون عالماً بعلم يستحيل أن يكون هو نفسه. (١)
يلاحظ عليه : أنّ الحكم باستحالة اتحاد العلم والعالم وعينيتهما مأخوذ عمّا نعرفه في الإنسان ونحوه من الموجودات الممكنة في ذاتها ولا شكّ في مغايرة الذات والصفة في هذا المجال ، ولكن لا تصحّ تسريته إلى الواجب الوجود بالذات ، فإذا قام البرهان على العينية هنا ، فلا استحالة في كون العلم عالماً وبالعكس.
وهناك ادلّة أخرى للأشاعرة على إثبات نظريّتهم ، والكلّ مخدوشة كما اعترف بذلك صاحب المواقف. (٢)
ثمّ إنّ المشهور أنّ المعتزلة نافون للصفات مطلقاً وقائلون بنيابة الذات
__________________
(١) اللمع : ٣٠ ، باختصار.
(٢) راجع : شرح المواقف : ٨ / ٤٥ ـ ٤٧.