وأمّا إذا ترك حتى استغلّته الأهواء والآراء المنحرفة ، انطفأت هذه الشعلة المقدّسة واختفت تحت ركام من الأوهام والخرافات.
ولأجل ذلك يجب على القائمين على شئون التربية أن يُطْعِموا الفطرة البشريّة بالبراهين العقليّة القاطعة الساطعة الّتي هدانا إليها الذكر الحكيم والأحاديث الصحيحة الشريفة ، وما أنتجته الأبحاث الفكريّة طوال العصور والأزمنة في الأوساط الدينيّة.
ومن هنا عمد أئمّة أهل البيت عليهمالسلام واحداً تلو الآخر ، بصقل الأذهان وتنويرها بالبراهين الدامغة ، مراعين فيها مستوى الأذهان يومذاك ، بل وآخذين بالاعتبار ، مستوى أذهان الأجيال القادمة.
وقد اهتمّ المسلمون من عصر الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام بتدوين علم الكلام ، مقتبسين اصوله من خطبه وكلمه ، فلم يزل ينمو ويتكامل في ظلِّ الاحتكاكات والمذاكرات ، إلى أن دخل رابع القرون ، فقامت شخصيات مفكّرة كبيرة ألَّفت في ذلك المضمار كتباً قيِّمة.
فمن الشيعة نجد الشيخ الأقدم أبا إسحاق إبراهيم بن نوبخت (من أعلام القرن الرابع الهجري) والشيخ المفيد (٤١٣ ه) والشريف المرتضى (٤٣٦ ه) وأبا الصلاح الحلبي (٤٤٧ ه) وشيخ الطائفة الطوسي (٤٦٠ ه) وابن زهرة الحلبي (٥٨٥ ه) وسديد الدين الحمصي (٦٠٠ ه) والمحقّق الطوسي (٦٧٢ ه) وابن ميثم البحراني (٦٧٩ ه) والعلّامة الحلّي (٧٢٦ ه) والفاضل المقداد (٨٢٦ ه) و ... من الأعلام الفطاحل ، والعلماء الأفذاذ.