ونكاحه ونموّه وفهمه وشعوره وسروره وصلاته وصيامه ، فهذه أفعال قائمة بالإنسان مستندة إليه ، فهو الّذي يأكل ويشرب وينمو ويفهم.
فالقرآن يعدّ الإنسان فاعلا لهذه الأفعال وعلّة لها.
كما أنّ في القرآن آيات مشتملة على الأوامر والنواهي الإلهية ، وتدلّ على مجازاته على تلك الأوامر والنواهي ، فلو لم يكن للإنسان دور في ذلك المجال وتأثير في الطاعة والعصيان فما هي الغاية من الأمر والنهي وما معنى الجزاء والعقوبة؟
إنّ المقصود من حصر الخالقية بالله تعالى هو الخالقية على سبيل الاستقلال وبالذات ، وأمّا الخالقية المأذونة من جانبه تعالى فهي لا تنافي التوحيد في الخالقية. كما انّ المراد من السببية الإمكانية (اعم من الطبيعية وغيرها) ليست في عرض السببية الإلهية ، بل المقصود انّ هناك نظاماً ثابتاً في عالم الكون تجرى عليه الآثار الطبيعية والأفعال البشرية ، فلكلّ شيء أثر تكويني خاصّ ، كما أنّ لكلّ أثر وفعل مبدأً فاعلياً خاصّاً ، فليس كلّ فاعل مبدأً لكل فعل ، كما ليس كلّ فعل وأثر صادراً من كل مبدأ فاعلي ، كل ذلك بإذن منه سبحانه ، فهو الّذي أعطى السببيّة للنار كما أعطى لها الوجود ، فهي تؤثّر بإذن وتقدير منه سبحانه ، هذا هو قانون العليّة العامّ الجاري في النظام الكوني الّذي يؤيّده الحسّ والتجربة وتبتني عليه حياة الإنسان في ناحية العلم والعمل.
وبهذا البيان يرتفع التنافي البدئي بين طائفتين من الآيات القرآنية ؛