صلتها بها إلى اختلال في حياته فلا تتصف بالشرّ والبلاء ، إنما تتّصف بصفة الشرّيّة إذا أوجبت نحو اختلال في حياة الإنسان بحيث يوجب هلاكة نفسه أو ما يتعلّق به أو يتضرّر به بوجه.
ومن المعلوم أنّ هذه النسبة والإضافة متأخّرة عن وجود ذلك الموجود أو تلك الحادثة ، فلو تحقّقت الظاهرة وقطع النظر عن المقايسة والإضافة لا يتّصف إلّا بالخير ، بمعنى أنّ وجود كلّ شيء يلائم ذاته ، وإنما يأتي حديث الشرّ إذا كانت هناك مقايسة إلى موجود آخر ، إذا عرفت ذلك فاعلم : أنّ ما يستند إلى الجاعل اوّلاً وبالذات ، هو وجوده النفسي ، والمفروض أنّ وجود كلّ من المقيس والمقيس إليه ، لا يتّصفان بالشرّ والبلاء ، بل بالخير والكمال ، وأمّا الوجود الإضافي المنتزع من مقايسة إحدى الظاهرتين مع الأخرى فليس أمراً واقعياً محتاجاً إلى مبدأ يحقّقها. (١)
هناك تحليل آخر للشبهة وهو ما نقل عن أفلاطون وحاصله : أنّ ما يسمّى بالشرّ من الحوادث والوقائع يرجع عند التحليل إلى العدم ، فالّذي
__________________
(١) وإلى ما ذكرنا أشار الحكيم السبزواري بقوله :
«كلّ وجود ولو كان إمكانياً خير بذاته وخير بمقايسته إلى غيره ، وهذه المقايسة قسمان : أحدهما مقايسته إلى علّته ، فإنّ كلّ معلول ملائم لعلّته المقتضية إيّاه ، وثانيهما مقايسته إلى ما في عرضه ممّا ينتفع به ، وفي هذه المقايسة الثانية يقتحم شرٌّ ما في بعض الأشياء الكائنة الفاسدة في أوقات قليلة».
شرح المنظومة : المقصد ٣ ، الفريدة ١ ، غرر في دفع شبهة الثنوية.