والجواب : أنّ للأفعال جهتين ، جهة الثبوت والوجود ، وجهة استنادها إلى فواعلها بالمباشرة ، فعنوان الطّاعة والمعصية ينتزع من الجهة الثانية ، وما يستند إلى الله تعالى هي الجهة الاولى ، والأفعال بهذا اللحاظ متّصفة بالحسن والجمال ، أي الحسن التكويني.
وبعبارة أخرى : عنوان الحسن والقبح المنطبق على الأفعال الصادرة عن فاعل شاعر مختار ، هو الّذي يدركه العقل العملي بلحاظ مطابقة الأفعال لأحكام العقل والشرع وعدمها ، وهذا الحسن والقبح يرجع إلى الفاعل المباشر للفعل.
نعم أصل وجود الفعل ـ مع قطع النظر عن مقايسته إلى حكم العقل أو الشرع ـ يستند إلى الله تعالى وينتهي إلى إرادته سبحانه ، والفعل بهذا الاعتبار لا يتّصف بالقبح ، فإنّه وجود والوجود خير وحسن في حدّ ذاته.
قال سبحانه : (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) (١).
وقال : (اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) (٢).
فكلّ شيء كما أنّه مخلوق ، حسن ، فالخلقة والحسن متصاحبان لا ينفكّ احدهما عن الآخر اصلاً.
وأمّا الإجابة عن شبهة الجبر على القول بعموم الخالقية فسيوافيك بيانها في الفصل المختصّ بذلك.
__________________
(١) السجدة : ٧.
(٢) الزمر : ٦٢.