إنّ النكتة الأساسية في خطأ المشركين تتمثّل في أنّهم قاسوا تدبير عالم الكون بتدبير أُمور عائلة أو مؤسَّسة وتصوّروا أنّهما من نوع واحد ، مع أنّهما مختلفان في الغاية ، فانّ تدبير الكون في الحقيقة إدامة الخلق والإيجاد.
توضيح ذلك : أنّ كلّ فرد من النظام الكوني بحكم كونه فقيراً ممكناً فاقد للوجود الذاتي ، لكن فقره ليس منحصرا في بدء خلقته بل يستمرّ معه في بقائه وعلى هذا ، فتدبير الكون لا ينفكّ عن خلقه وإيجاده ، فالتدبير خلق وإيجاد مستمرّ.
فتدبير الوردة مثلاً ليس إلّا تكوّنها من المواد السُّكرية في الأرض ثمّ توليدها الأوكسجين في الهواء إلى غير ذلك من عشرات الأعمال الفيزيائية والكيميائية في ذاتها وليست كل منها إلّا شعبة من الخلق ، ومثلها الجنين مذ تكوّنه في رحم الأُم ، فلا يزال يخضع لعمليّات التفاعل والنموّ حتى يخرج من بطنها ، وليست هذه التفاعلات إلّا شعبة من عمليّة الخلق وفرعاً منه.
إنّ مطالعة كلّ صفحة من الكتاب التكويني العظيم يقودنا إلى وجود نظام موحَّد وارتباط وثيق بين أجزائه ، ومن المعلوم أنّ وحدة النظام