وانسجامه وتلائمه لا تتحقّق إلّا إذا كان الكون بأجمعه تحت نظر حاكم ومدبِّر واحد ، ولو خضع الكون لإرادة مدبِّرين لما كان من اتصال التدبير وانسجام اجزاء الكون أيّ اثر ، لانّ تعدّد المدبّر والمنظِّم ـ بحكم اختلافهما في الذات أو في الصفات والمشخصات ـ يستلزم بالضرورة الاختلاف في التدبير والإرادة ، وذلك ينافي الانسجام والتلائم في أجزاء الكون.
فوحدة النظام وانسجامه كاشف عن وحدة التدبير والمدبّر وإلى هذا يشير قوله سبحانه : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) (١).
وهذا الاستدلال بعينه موجود في الأحاديث المروية عن أئمة اهل البيت عليهمالسلام يقول الامام الصادق عليهالسلام : «دلّ صحّة الأمر والتدبير وائتلاف الأمر على انّ المدبّر واحد».(٢)
وسأله هشام بن الحكم : ما الدليل على انّ الله واحد؟
فقال عليهالسلام : «اتصال التدبير وتمام الصنع ، كما قال الله عزوجل (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا.) (٣)
إنّ للتوحيد في الربوبية نطاقاً واسعاً شاملاً لجميع المظاهر الكونية والحقائق الوجودية فلا مدبِّر في صفحة الوجود ، بالذات على وجه
__________________
(١) الأنبياء : ٢٢.
(٢) توحيد الصدوق : الباب ٣٦ ، الحديث ١.
(٣) الأنبياء : ٢٢.