تدلّ الأساليب الصحيحة والاستعمال العربي الصراح على أنّ العبادة ضرب من الخضوع بالغ حد النهاية ناشٍ عن استشعار القلب عظمة للمعبود لا يعرف منشأها ، واعتقاده بسلطة لا يدرك كنهها وماهيتها. وقصارى ما تعرفه منها أنها محيطة به ولكنّها فوق إدراكه. فمن ينتهي إلى أقصى الذّل لملك من الملوك لا يقال إنّه عبده ، وإن قبّل موطئ أقدامه ، ما دام سبب الذلّ والخضوع معروفاً وهو الخوف من ظلمه المعهود ، أو الرجاء بكرمه المحدود. (١)
نتائج البحث
وعلى ما ذكرنا لا يكون تقبيل يد النبي أو الإمام أو المعلّم أو الوالدين ، أو تقبيل القرآن أو الكتب الدينية ، أو أضرحة الأولياء ، وما يتعلّق بهم من آثار ، إلّا تعظيماً وتكريماً ، لا عبادة ، وبذلك يتّضح أنّ كثيراً من الموضوعات الّتي تعرّفها فرقة الوهّابية عبادة لغير الله وشركاً به ، ليس صحيحا على إطلاقه ، وإنّما هو شرك وعبادة إذا كان المخضوع له معنوناً بالأُلوهية وأنّه فوّض إليه الخلق والتدبير والإحياء والإماتة والرزق وغير ذلك من شئون الإلهية المطلقة ، أو الاعتقاد بأنّ في أيديهم مصير العباد في حياتهم الدنيوية والأُخروية. وأمّا إذا كان بداعي تكريم أولياء الله تعالى كان مستحسناً عقلاً وشرعاً ، لأنّه وسيلة لإبراز المحبّة والمودّة للصالحين من عباد الله تعالى وفيه رضاه سبحانه بالضّرورة.
__________________
(١) تفسير المنار : ١ / ٥٦ ـ ٥٧ ؛ وانظر ايضاً تفسير المراغي : ١ / ٣٢.