على ضوء ما ذكرناه من تقسيم العلم إلى الحصولي والحضوري يصحّ أن يقال :
«إنّ العلم على وجه الإطلاق عبارة عن حضور المعلوم لدى العالم».
وهذا التعريف يشمل العلم بكلا قسميه ، غير إنّ الحاضر في الأوّل هو الصورة الذهنية دون الواقعية الخارجية ، وفي الثاني نفس واقعية المعلوم من دون وسيط بينها وبين العالم.
إذا وقفت على حقيقة العلم ، فاعلم أنّ الإلهيّين أجمعوا على أنّ العلم من صفات الله الذاتية الكمالية ، وأنّ العالم من أسمائه الحسنى ، وهذا لم يختلف فيه اثنان على إجماله ، ولكن مع ذلك اختلفوا في حدود علمه تعالى وكيفيته على أقوال ، يلزمنا البحث عنها لتحقيق الحال في هذا المجال ، فنقول :
قد ذكروا لإثبات علمه تعالى بذاته وجوهاً من البراهين نكتفى بذكر وجهين منها :
إنّه سبحانه خلق الإنسان العالم بذاته علما حضوريا ، فمعطي هذا الكمال يجب أن يكون واجداً له على الوجه الأتمّ والأكمل ، لأنّ فاقد الكمال لا يعطيه ، ونحن وإن لم نحط ولن نحيط بخصوصية حضور ذاته لدى ذاته ،