غير إنّا نرمز إلى هذا العلم ب «حضور ذاته لدى ذاته وعلمه بها من دون وساطة شيء في البين».
ملاك الحضور والشهود العلمي ليس إلّا تجرّد الوجود عن المادّة ، فإنّ الموجود المادّي بما أنّه موجود كمّي ذو أبعاض وأجزاء ليس لها وجود جمعى ، ويغيب بعض أجزائه عن البعض الآخر ، مضافاً إلى أنّه في تحوّل وتغيّر دائمي ، فلا يصحّ للموجود المادّي من حيث إنّه مادّي أن يعلم بذاته ، لعدم تحقّق ملاك العلم الّذي هو حضور شيء لدى آخر.
فإذا كان الموجود منزّهاً من المادّة والجزئية والتبعّض ، كانت ذاته حاضرة لديها حضورا كاملاً وبذلك نشاهد حضور ذواتنا عند ذواتنا ، فلو فرضنا موجوداً على مستوٍ عالٍ من التجرد والبساطة عاريا عن كلّ عوامل الغيبة الّتي هي من خصائص الكائن المادّي ، كانت ذاته حاضرة لديه ، وهذا معنى علمه سبحانه بذاته أي حضور ذاته لدى ذاته بأتمّ وجه لتنزّهه عن الماديّة والتركّب والتفرّق كما تقدّم برهان بساطته عند البحث عن التوحيد.
الإجابة عن إشكال
قد استشكل على علمه تعالى بذاته بأنّ لازم العلم بشيء المغايرة والاثنينية بين العالم والمعلوم ، فعلمه تعالى بذاته يستلزم مغايرة واثنينية في ذاته سبحانه وهو محال.