والجواب عنه : أنّ المغايرة الاعتبارية تكفى لانتزاع عناوين العلم والمعلوم والعالم من ذات واحدة ، وليس التغاير الحقيقي من خواصّ العلم حتى يستشكل في علم الذات بنفس ذاته بتوحّد العالم والمعلوم ، بل الملاك كلّه هو الحضور ، وهذا حاصل في الموجود المجرّد كما تقدّم.
إنّ علمه سبحانه بالأشياء على قسمين : علم قبل الإيجاد أي علمه بالأشياء في مقام ذاته سبحانه ، وعلم بعد الإيجاد أي علمه بالأشياء في مقام فعله. ونستدلّ على القسم الأوّل بوجهين :
إنّ العلم بالسّبب والعلّة بما هو سبب وعلّة ، علم بالمسبّب ، والمراد من العلم بالسبب والعلّة ، العلم بالحيثية الّتي صارت مبدأ لوجود المعلول وحدوثه ، ولتوضيح هذه القاعدة نمثّل بمثالين :
١. إنّ المنجّم العارف بالقوانين الفلكيّة والمحاسبات الكونيّة يقف على أنّ الخسوف والكسوف أو ما شاكل ذلك يتحقّق في وقت أو وضع خاص ، وليس علمه بهذه الطوارئ ، إلّا من جهة علمه بالعلّة من حيث هي علّة لكذا وكذا.
٢. إنّ الطبيب العارف بحالات النبض وأنواعه وأحوال القلب وأوضاعه يقدر على التنبّؤ بما سيصيب المريض في مستقبل أيّامه وليس هذا العلم إلّا من جهة علمه بالعلّة من حيث هي علّة.