لحاشية من ينزله وخاصّته وأصحابه وأضيافه وفيهما حرمهم ، وتعرف إحدى الحارتين (١) بالقلمون والأخرى بالقصر ، والناحية الخارجة تعرف ببيريس وبيخيط وهما خمسة أصقاع ويشتمل كلّ صقع منها على منابر تتقارب فى المنزلة والحال ، ولم تزل مذ أوّل ما فتحها المسلمون فى أيدى آل عبدون ومرجعهم الى حىّ من لواتة قبيل من البربر ملوك هذه الناحية يرجعون الى مروءة فاشية ومظاهرة بالحرّيّة ورغبة فى القاصدين ومحبّة للمنتجعين على جميع ضروب القصد مكرمين للتجّار نازلين على أحكامهم فى الأرباح وكان من أحرصهم على هذه الوتيرة يتقبّل (٢) المحاسن ويحبّ حسن الأحدوثة والشكر (٣) ويرغب فى جميل الذكر أبو الحسن مكبّر بن عبد الصمد بن عبدون رحمهالله [٤٦ ظ] بكبر نفسه وسعة قلبه وكثرة طوله وفاشى مروءته يزيد على من سلف له من أهله فى جميع المقاصد الكريمة ويركب منها الطرقات الصعبة الجسيمة ولمّا مضى قام مكانه وعمر موضعه عبدون ابن محمّد بن عبدون فى ضمن عبد له يعرف بمصبح بن ميمون مغربىّ الأصل مولّد بالواحات وهو رجل ندب وشيخ شهم (٤) ، ونواحيهم كثيرة المياه والأشجار والغياض والعيون الجارية العذبة متصرّفة فى نخيلهم وزروعهم وأجنّتهم وأكثر غلّاتهم بعد القمح والشعير الأرزّ ولديهم من العنّاب الكثير والفوّة الواسعة الغزيرة ما يغدق به الى كثير من النواحى ، وهى كالناحية المعتزلة فى مركز دائرة من النيل ومن أىّ نحو قصدت الواحات من أنحائها كان الوصول اليها من ثلاث مراحل الى أربع مراحل ، والناحية الخارجة منها المعروفة ببيخيط وبيريس أقرب الى النيل ومن قصدها من ناحية النوبة ويبرين وأعمالهم اجتاز بعين النخلة بماء عدّ لا ساكن عنده ولا يجد الماء الى بيريس ، ومن اجتاز بها من أرض مصر وقصدها من اسنى وارمنت تزوّد ماء النيل الى بيريس ، ومن قصدها من البلينا (٥) واخميم واسيوط والاشمون من أسافل الصعيد كان وصوله الى بيخيط وتزوّد ماء
__________________
(٢) (الحارتين) ـ (الناحيتين) ، (٨) (يتقبّل) ـ (يتقيّل) ، (٩) (والشكر) ـ (والسكر) ،
(١٤) (شهم) ـ (سهم) ، (٢٣) (البلينا) ـ (البلنيا) ،