وقد استحدث المسلمون بهذه النواحى الخمس نحو خمسة عشر منبرا ولكلّ قرية من قرى هذه الخمس نواحى مساجد معمورة (١) بالصلوات الخمس ، وجميع من بها من القبط فى ولاء آل عبدون عتاقة وغلّات البلد فوق حاجتهم وبه من القموح والتمور الجليلة الكبار الحبّ والعنّاب والقطانى الى جميع الفاكهة والبقول ما يزيد على حاجتهم وينيف على فاقتهم وإرادتهم وبين آل عبدون والنوبة هدنة بعد حروب جرت وغارات دامت واتّصلت وهذه جملة من خبرها وأوصافها ،
(٢٤) وأمّا البحيرة التى هى بأرض مصر وفى شمال الفرما وتتّصل ببحر الروم [تعرف ببحيرة تنّيس](٢) فهى بحيرة إذا امتدّ النيل فى الصيف عذب ماؤها وإذا جزر فى الشتاء الى أوان الحرّ غلب ماء البحر عليها فملح ماؤها وغاص فيها ماء النيل وفيها (٣) مدن كالجزائر فيها يطيف ماء البحيرة بها ولا طريق اليها إلّا فى السفن من أجلّ جزائرها تنّيس ودمياط (٤) ودميره ودبقوا وشطا وتونه ، وهى قليلة العمق يسار فى أكثرها بالمرادى وتلتقى السفينتان تحكّ إحداهما الأخرى هذه صاعدة وهذه نازلة بريح واحدة مملّأة (٥) شرعهما بالريح متساوية فى سرعة السير ، وبهذه البحيرة سمكة تعرف بالدلفين فى خلقة الزقّ الكبير (٦) وتكثر فى مياء بحر الروم فى منحدر الماء العذب من البحر وذكر قوم فى مؤلّفات حماقات رقاعاتهم أنّ لها خاصّية مشهورة وذلك أنّها لا تزال تدفع الغريق عند غرقه وهو يجود بنفسه وتغتّه بإرهاقه ودفعه مرّة وشيله ورفعه تارة الى أن تخرجه الى الساحل أو الماء الرقيق والناس يكذبون لمّا كانت ذوات الأربع لا تنطق ، وذكر هذا المؤلّف فى بعض كتبه وغيره أنّ بالإسكندريّة سمكة تعرف بالعروس حسنة المنظر نقشة لذيذة الطعم إذا أكله الإنسان رأى فى منامه كأنّه
__________________
(٢) (معمورة) ـ (معموة) ، (٩) [تعرف ... تنّيس] مأخوذ من حط ، (١١) (وفيها) ـ (ففيها) ، (١٢) (ودمياط) ـ (ودمياط ودمياط) ، (١٥) (مملّأة) تابعا لحط وفى الأصل (مملا) ، (١٦) (الزقّ الكبير) ـ حط (الزقّ المنفوخ) ،