بلدان الإسلام وهى أكثر من ثلثمائة عين ماء جارية كلّها صافية يبين ما تحت مياهها فى قعورها على أراضيها وفيها غير عين لا يعرف لها قرار وغير بئر عليها شبابيك الحديد والخشب ويقال أنّها خسيف وقد جعل الشبّاك دون وجه الماء بذراع ونحوه ليحفظ ما يسقط فيها ويقال أنّهم اعتبروا غير بئر بمائين أذرع حبال (١) فلم يبلغوا قعرها وتجتمع هذه المياه حتّى تصير نهرا واحدا ويجرى على وجه الأرض فيعرف بالخابور ويقع الى نواحى قرقيسيا وكان عليه لأهل رأس العين نحو عشرين فرسخا قرى ومزارع وكان لهم غير رستاق وناحية كبيرة كثيرة الضياع والأشجار والكروم على هذه المياه الجارية المذكورة وكان لهم أيضا ضياع مباخس وأعذاء فى ضياعها ومزارعها فلم يبق بالقصبة لهم إلّا نويس فى نفسها على ترقّب من الروم والعرب قد لجؤوا الى بعض قصورها وجعلوه حصنا يأوون اليه عند خوفهم ، ونهر الخابور المذكور عليه مدائن كثيرة (٢) قد شكّلتها ووصفتها كمدينة عرابان وهى مدينة لطيفة كثيرة الأقطان وثياب القطن تحمل منها وتجهّز الى الشأم وغيرها وعليها سور صالح منيع ومن ورائه منعة بمن فيه من الرجال واليها (٣) سكير العبّاس وهى أيضا مدينة لطيفة فيها غلّات وبها رجال وكذلك طلبان والجحشيّة وتنينير (٤) والعبيديّة مدن تتقارب أوصافها وفيها ما له إقليم كبير ورستاق واسع وعمل صالح ودخل وأشجار وكروم وسفر جل موصوف ،
(١٩) ومدينة آمد على جبل من غربىّ دجلة مطلّ عليها من نحو خمسين (٥) قامة وعليها سور أسود من حجارة الأرحية ويسمّى ذلك السور ميمونا لشدّة سواده [وذلك أنّه من حجارة أرحية الجزيرة](٦) وليس لحجارته فى جميع الأرض نظير ومنها ما يساوى الحجر للطحن به بالعراق من خمسين دينارا الى أكثر وأقلّ وسور خلاط وجامعها وأكثر أبنيتها من
__________________
(٥) (حبال) ـ (جبال) ، (١٢) (كثيرة) ـ (كبيرة) ، (١٥) (واليها) ـ (واليه) ، (١٦) (وتنينير) ـ (وتينببر) ، (٢٠) (خمسين) ـ حط (مائة) ، (٢١) [وذلك ... الجزيرة] مأخوذ من حط ،