وضبطوا بعض شرائط الإسلام وظاهروا بالشهادتين ودانوا ببعض الفرائض وفيهم كرم وسماحة فى إطعام الطعام فسامحهم فى الأخذ عليهم وهم بادية أغتام (١) متوغّلون فى الجبال والآجام فى عدد لا يحاط به فجرت أحكامهم على سنن كانت لهم جاهليّة الى بعض أحكام يستعملونها إسلاميّة وسآتى بما رأيته منهم معاينة ومشاهدة ونقلته مفاوهة ومشافهة ،
(٩) حدّثنى أبو المنيع كثير بن أحمد [١٦ ظ] الجعدىّ الاسوانىّ أنّ اسوان افتتحها عبد الله بن أبى سرح سنة إحدى وثلثين وافتتح هيف وهى المدينة التى تجاه اسوان عن غربىّ النيل وقد تدعى قرية الشقاف وافتتح ابلاق وهى مدينة فى وسط ماء النيل على حجر ثابتة فى وسط الماء منيعة كالجزيرة وبينها وبين اسوان ستّة أميال وبحذائها على النيل من جهة المشرق مسجد الردينىّ وقصر آليه وتحت المسجد بيعة للنوبة وهو آخر حدّ الإسلام وأوّل حدّ النوبة ، ولم يزل المسلمون مستظهرين على جميع من جاورهم هناك من النوبة والبجة الى سنة أربع ومائتين فإنّ البجة كانت تمتار من قفط وهى مدينة تحاجز قوص وكان للبجة رئيس يدخل الى قفط يعرف بمحا فيمتار البرّ والتمر على مرّ أوقاته فيكرم ويعظم وكان لأهل قفط أيضا رئيس يعرف بإبراهيم القفطىّ فخرج حاجّا فى جماعة من أهله يريد عينونا والعبر اليها من ناحية جزائر بنى حدان على طريق طلفه فتطرّق بمحا البجاوىّ وجماعته التى صحبته على طريق الزيارة وكان بتلك الأرض فى غاية الخبرة فاجتمعت البجة الى محا رئيسهم فقالت لا بدّ من قتل هذا المسلم لمعرفته بديارنا ومقارّنا ومظانّ مياهنا ولسنا نأمنه فدافعهم عن ذلك فغلبوه على رأيه واتّفقوا على إتاهته فأتاهوه فمات عطشا ومن كان معه وكان له ولد صغير فرقّ له بعض البجة فسرّيه بالحيلة الى ناحية اتفوا من الصعيد فأوصله أهلها الى قفط فأخبرهم بحال أبيه (٢) فأسرّوا ذلك ولم يظهروه وأتى محا على عادته ليمتار فى ثلثين رجلا من وجوه قومه
__________________
(٣) (أغتام) ـ (أغنام) ، (٢٣) (فأخبرهم بحال أبيه) ـ (فاخبره بحال ابنه) ،