وقصدته وكان القمىّ قد حمل البنود على الفوالج والطبول فلمّا التفّت البجة بالطوامير ضربت (١) الطبول الزنجيّة فاضطربت صفوفهم فحمل عليهم القمىّ وقد التفّت جمالهم وشردت فهلك بتلك الغرّة عامّتهم ووطئتهم الجمال فقتل وأسر وسبى وأخذ على بابا أسيرا وكان قد قعد على ربوة وحلف ألّا يزول أو تنقلع الربوة فلمّا أسره القمىّ عاد به وبما معه من الغنيمة الى اسوان فباع ذلك وكان مبلغه خمسين ألف أوقية تبرا ، وأنفذ الى يركى (٢) ملك النوبة فأتاه طائعا فانحدر بالجميع الى بغداذ فى سنة ثمان هذه المؤرّخة فأدخلهما الى السلطان فنودى عليهما فبلغ ملك البجة سبعة دنانير وملك النوبة تسعة فأجرى (٣) لكلّ واحد منهما فى كلّ يوم مثل ثمنه وعاد الى [١٧ ظ] اسوان بعد مواقفتهما (٤) على أداء الجزية ، وأتى العلاقىّ وكان خلّف عليها أشهب ربيعة من بنى عبيد بن ثعلبة الحنفىّ وهو جدّ أبى عبد الله محمّد بن أحمد بن أبى يزيد بن بشر صاحب المحدثة وهى المدينة التى لربيعة محادّة لاسوان وأبو عبد الله هذا ابن عمّ أبى بكر إسحاق بن بشر صاحب العلاقىّ وكان قد مسّ الناس بالجور فرفع عليه الى القمىّ فقبض عليه فلم يجد لديه شيئا وكانت مروءة أشهب تستغرق عائده فحبسه طويلا ثمّ أطلقه وقد أحفظ أشهب فعل القمىّ به وكان فى جملة رجاله فعمل على قتله وقيل للقمىّ ذلك فقال لأن يلقى الله بدمى أحبّ الىّ من أن ألقاه بدمه فقتله أشهب فى سنة خمس وأربعين ومائتين ،
(١١) وزال مذ ذلك أمر السلطان بالعلاقىّ وهلك المتوكّل وضبطت البجة أطرافها والإسلام فى بعضها مريض ، وبلدهم بين النيل والبحر ويصل اليهم التجّار بالصوف والقطن والحيوان من الرقيق والإبل فيكون غاية ما يقطعونه من بلدهم ويمكنهم التصرّف فيه نواحى قلعيب وهى مواضع ذوات مياه فى أودية متّصلة بجبل يعرف بملاحيب وأكبر أوديته وادى بركه (٥)
__________________
(٢) (ضربت) ـ (طربت) ، (٧) (يركى) على التخمين وفى الأصل (يركى) ، (٩) (فأجرى) ـ (فاخرى) ، (١٠) (مواقفتهما) ـ (موافقتهما) ، (٢٤) (بركه) ـ (بركة) ،