وكانت (المعرة) محط أنظاره لأنها مسقط رأس أبى العلاء صاحب الذكرى وقد أعطت سياقات ورود المعرة تداعيات وذكريات عن المعرى فى حياته ومماته ، وقد تفهم المازنى كثيرا من سلوكيات المعرى عند ما رأى الحياة فى المعرة ، وقد أشار إلى (الأكل العلائى) ولذلك كانت الرحلة مفيدة من عدة زوايا منها زاوية المكان وما يوحى به ، وما يراه المازنى فيه بالعين المعاصرة.
والزمان الضيق المحدد بعدة أيام فى المؤتمر وعدة أيام قبله وبعده حصر المازنى وجعله محددا بحواسه بما رآه وبما استمع إليه وما أحسه ولكن لأن كتابة الرحلة تمت بعد عودته إلى القاهرة فقد استسلم كعادته إلى الحكايات الفرعية التى تمثل استطرادا يفيد الصورة العامة لكتابه ومن ثم فتحت هذه الاستطرادات للزمن فتحات للماضى والحاضر والمستقبل فقد اختار هو قالب المقال القصصى ليكتب من خلاله صياغته للرحلة وجاءت ـ من هنا ـ التقسيمات المتعددة والكثيرة لرحلة الشام لتتناسب مع نشرها كسلسلة من المقالات فى مجلة البلاغ ، ولكنه حين جمعها فى مخطوطة واحدة راعى التسلسل الزمنى فى معظمها ولكنه كان يضيف بعض الوحدات والمشاهد ليضمن أنه أرضى كل الأطراف وتحدث عن العلاقات الإنسانية بشكل يتوازن مع حديثه النقدى فى المؤتمر والمتمثل فى بحثه عن أبى العلاء.
ويتضح هذا التوجه المتوازن بين العلاقة الإنسانية والعلاقة النقدية عند مراجعة ما كتبناه بعد نهاية نص كتاب رحلة الشام أعنى التعريف بالشخصيات المهمة والفهرست التفصيلى لموضوعات الرحلة.