٣ ـ أسباب الرّحلة ومدّتها :
كان وراء رحلة العبدريّ سببان حملاه على المضيّ فيها :
الأول : سبب دينيّ : وهو القيام بفريضة الحج ، وزيارة الأماكن المقدّسة ، والاتّصال بالمتصوّفة والصّالحين ، وقد صرّح العبدريّ مرارا بأنّه كان ينوي الإقامة بمكّة والمجاورة بها ، وبأنّه قد اكترى المنزل وجهّز لوازمه ، وصرف الرّكب إلى المغرب ، لولا حدوث فتنة هناك أرغمته على الرّحيل عن مكّة (١).
الثّاني : هو رغبته في لقاء العلماء والمشايخ والأخذ عنهم ، وكان العبدريّ حريصا على البحث عن السّند العالي فيما أخذه عن هؤلاء العلماء والمحدّثين ، ورأينا العبدريّ في سؤال دائم عن الأحوال العلميّة والثّقافيّة في البلاد الّتي مرّ بها ؛ فإذا صادف مجموعة من العلماء في بلد من البلاد طرب لذلك وانشرحت نفسه فانطلق لسانه ثناء وحمدا كما حدث معه في تونس (٢). وإذا لم يجد هذا النّوع من العلماء هجا بلسانه الذّرب هذه البلاد وأهلها كصنيعه في قابس وطرابلس (٣).
أمّا مدّة الرّحلة فيبدو أنّها استمرّت أكثر من سنتين ، ويذكر البحاثّة حسن حسني عبد الوهاب أنّ العبدريّ زار تونس مرّتين في طريق ذهابه إلى
__________________
(١) الرّحلة : ٣٩١.
(٢) الرّحلة : ١٠٨.
(٣) الرحلة : ١٨٤.