وقوله : «رشا رباطي» لفظ مختلّ (١) جاف ، ما جلبه إلّا التّجنيس ، وإذا وجد الرّشاء والرّباط فما بقي إلّا الضّرب ؛ وأيّ رقّة مع هذه الألفاظ الجافية؟ ولو قال : رشا ارتباطي لكان أقرب مع بعده ؛ لأنّه أراد التّماسك والتّثبّت ، فالارتباط به أليق.
وقوله : «مغاربهنّ في قلب الشّجيّ» خارج عن اعتدال الكلام ؛ فإنّه أراد بما ذكر من غروبهنّ في القلوب اشتمالها على حبّهنّ ، وليس إذا غرب حبّهنّ في القلوب فقد غربن فيها ؛ ولا يحسن أن يقال : «مطالعهنّ (٢) قطرفاس ، ومغرب حبّهن قلب الشجيّ» ، وإنّما يحسن أن يذكر في غروبهنّ (٣) ما يغيّبهنّ عن النّواظر كالخدور (٤) ونحوها ، وبذلك جرت عادة الشّعراء ، وهو مستعمل كثير ، نحو قوله : [الكامل]
قمر إذا استخجلته بعتابه |
|
لبس الغروب ولم يعد لطلوع |
ونحو منه قول أبي الطّيّب : (٥) [الكامل]
بأبي الشّموس الجانحات غواربا |
|
................................. |
فهذا الرّجل لم يخالف مبدعا ، ولم يوالف متبعا.
__________________
(١) في الأصل : محتمل ، وهو تصحيف.
(٢) في ط : مطلعهنّ.
(٣) زاد في ت : غروبهنّ في القلوب.
(٤) في ط : كالخدود.
(٥) صدر بيت ، عجزه : «اللّابسات من الحرير جلاببا» وهو مطلع قصيدة للمتنبيّ في مدح علي بن منصور الحاجب : في ديوانه ١ / ١٢٢.