وقوله : «بدور بل شموس بل صباح» نزول مفرط ، وعكس للرّتبة ؛ فإنّ الشّمس أشهر من الصّباح وأنور ، والانتقال عن التّشبيه بالأعلى إلى الأدنى أشبه بالذّمّ منه [٢٠ / ب] بالمدح ، ولا سيّما مع الإضراب.
وقوله : «بهي في بهيّ في بهيّ» غير منطبق على صدر البيت ، ولا ملائم له ، ولو قال : «بدور في خدور في قصور» لجاء عليه عجز البيت أليق من العقد بجيد الحسناء ، وأوفق من الجود (١) للرّوضة الغنّاء.
وقوله : «إذا أنسوني الولدان حسنا» ضعيف ساقط ؛ لأنّ التّشبيه والتّمثيل (٢) يجب أن يكونا في كلّ صنعة بما تعارفه أهلها واشتهر عندهم ، هذا على تقدير التقّييد في الولدان ، فكيف واللّفظ بهم مطلق (٣) ، يدخل تحته كلّ ما يسمّى ولدا.
وقوله : «فهذا بالغدوّ يهيم غربا» كلام غير محصّل ؛ فإنّ الجسم العريّ من القلب لا يهيم ، وإنّما يهيم القلب ؛ وليست الباء هنا ظرفية بمعنى «في» ؛ لأنّ الهيمان لا يتخيّر الأوقات ، وما أضعف حبّا لا يهيج (٤) إلّا مرّة في اليوم ، وإنّما هي للإلصاق ؛ أي : هذا يشتاق في وقت الغروب إلى الغدوّ ، وذلك في وقت الشّروق إلى العشّي ، شوقا من هذا إلى الشّرق ، ومن ذاك إلى الغرب ؛ وهو معنى حسن لو ساعده اللّفظ.
__________________
(١) الجود : المطر الغزير.
(٢) في ت : التمثيل والتشبيه.
(٣) بدا للمصنّف أن لفظ «الولدان» بهم مطلق ، غير أنّه يبدو لي أنّ الشاعر أراد الولدان المخلّدين الذين ورد ذكرهم في الآية الكريمة رقم (١٩) من سورة الإنسان.
(٤) في ط : يهيم.