قلت : خفّف (١) الدّال من المعيديّ ، وهو الأشهر ، والأصل فيه التّثقيل ، وإنّما خفّفت لكثرة الاستعمال ، قال أبو عبيد : «وكان الكسائيّ (٢) يرى التّشديد في الدّال» (٣) وقال : إنّما هو تصغير رجل منسوب إلى معدّ ، ولم أسمع هذا من غيره ، والمثل «أن تسمع بالمعيديّ خير من أن تراه» (٤) ، قال أبو عبيد : «العامّة لا تذكر أن» (٥) ثمّ ذكر الاختلاف فيمن قاله وفيمن قيل فيه.
[ذكر تونس]
ثمّ وصلنا إلى مدينة تونس (٦) مطمح الآمال ومصاب كلّ برق ، ومحطّ الرّحال من الغرب والشّرق ، ملتقى الرّكاب والفلك ، وناظمة فضائل البرّين في سلك ، فإن شئت أصحرت في موكب ، وإن شئت [٢٢ / آ] أبحرت في مركب ، كأنّها ملك والأرباض لها إكليل ، وأرجاؤها روضة باكرتها ريح بليل (٧) ؛ إن وردت مواردها نقعت غليلا ، وإن ردت فرائدها شفيت حشا عليلا ؛ جليت بها
__________________
(١) في ت وط : خفّفت.
(٢) هو علي بن حمزة بن عبد الله الأسدي : إمام في اللّغة والنحو والقراءة ، توفّي بالرّيّ سنة ١٨٩ ه له تصانيف ، منها : معاني القرآن ـ الحروف ـ النوادر. انظر الأعلام : ٤ / ٢٨٣.
(٣) أمثال أبي عبيد : ٩٧.
(٤) ورد المثل في : أمثال أبي عبيد : ٩٧ ، والمستقصى ١ / ٣٧٠ ، وفصل المقال : ١٣٥. ويروى : تسمع ... ويستشهد به على حذف (أن) مع بقاء عملها شذوذا ، وهذ رواية المفضل الضّبيّ : ٥٥ ، والفاخر : ٦٥ ، وجمهرة الأمثال : ١ / ٢٦٦ وفيه : ... لا أن تراه ، وتمثال الأمثال : ١ / ٣٩٥ ، والميداني : ١ / ١٢٩ ويضرب لمن خبره خير من مرآه
(٥) أمثال أبي عبيد : ٩٧.
(٦) تونس : مدينة كبيرة بإفريقية على ساحل البحر ، وهي عاصمة تونس اليوم ، انظر وصف إفريقيا ٢ / ٧٠.
(٧) البليل : ريح باردة مع ندى ، ولا تجمع.