عروس الغروس ، وحليت (١) بها على ممرّ الحروس (٢) الطّروس (٣) ؛ لا تنشد بها ضالّة من العلم إلّا وجدتها ، ولا تلتمس بها بغية معوزة إلّا استفدتها ؛ وأهلها ما بين عالم كالعلم ، رافع بين أهله للعلم ومعطّل حدّ الظّبا بحدّ القلم ، ومسلّم على ربع بذي سلم ، شاك من وجده فرط الألم ؛ فاقت بحسن مغانيها وإتقان مبانيها (٤) غيرها من المدن وطالت ، وسطت بنخوتها ، وانتخت بسطوتها على قواعد الشّرق والغرب وصالت ، وترجم حسنها البهيج وعرفها (٥) الأريج عن معناها ، ولو نطقت لقالت : [الطويل]
أنا الغادة الحسناء فاق جمالها |
|
فالت : يمينا لا خطبت على زوج (٦) |
إذا الغانيات آرتدن وصل بعولة |
|
فما بي ـ ولا فخر ـ إلى الزّوج من حوج (٧) |
أغادي إذا ما شئت ظبيا بقفرة |
|
وأطرق نون اليمّ في ظلم الموج (٨) |
وفيّ لمكدود الحجيج استراحة |
|
فهم يردوني الدّهر فوجا على فوج |
وإنيّ إلى البيت العتيق كسلّم |
|
به يرتقي من في الحضيض إلى الأوج (٩) |
__________________
(١) في ط : حلت.
(٢) الحرس : الدّهر.
(٣) الطّرس : الصّحيفة التي محيت ثمّ كتبت.
(٤) في ط : فاقت بحسن معانيها واتقان مغانيها.
(٥) العرف : الرائحة الطيبة.
(٦) في ط : فقالت يمينا ... وآلت : أقسمت.
(٧) في ت : فما لي.
(٨) في ت : نوء. والنون : الحوت.
(٩) في ت : على البيت العتيق.