ولقيته مرّة ثانية في رجوعي من المشرق فقرأت عليه أشياء يأتي ذكرها في موضعه إن شاء الله من هذه الرّحلة.
[لقاؤه لأبي جعفر اللّبليّ]
ومنهم الشّيخ الأستاذ النّحويّ الأديب الفاضل المحدّث الرّاوية أبو جعفر أحمد بن يوسف الفهريّ اللّبليّ (١) ، وهو شيخ مسنّ قويّ الرّجاء ، حسن الظنّ بأهل الدّين ، سريع العبرة ؛ رحل قديما إلى المشرق فحجّ ، ولقي جماعة من الأئمّة بالإسكندريّة ومصر والشّام والحجاز ؛ وله «برنامجان» كبير وصغير (٢) في أسماء شيوخه ، وعدّة تواليف ، منها «شرح الفصيح» و «شرح أبيات الجمل» وغير ذلك. لقيته وجالسته أيّاما فقرأت عليه جملة صالحة من أوّل كتاب «الموطّأ» رواية يحيى بن يحيى ، وجميع كتاب «الجامع» من آخره ، وناولني سائره مرارا ، وحدّثني بجميعه بأسانيده المرسومة في برنامجه ، وقرأت عليه جملة من قصيدة الشّيخ الإمام أبي القاسم الشّاطبيّ (٣) في القراءات ، وحدّثني بها عن صهر أبي القاسم المذكور زوج ابنته كمال الدّين
__________________
(١) توفي بتونس سنة ٦٩١ ه. انظر الديباج المذهب : ٨٠ ـ ٨١ ـ عنوان الدراية : ٣٠٠.
(٢) في ت : صغير وكبير.
(٣) هو القاسم بن فيرّة بن خلف بن أحمد الرّعيني الشّاطبي : إمام القراءة في عصره ، كان ضريرا ، ولد بشاطبة سنة ٥٣٨ ه وقرأ ببلده وببلنسية ، ثمّ رحل للحجّ فسمع من أبي طاهر السّلفي بالإسكندرية ، وزار القدس بعد فتحها على يد صلاح الدين الأيوبي ، ثمّ رجع إلى القاهرة فأقام بالمدرسة الفاضلية إلى أن مات سنة ٥٩٠ ه. له الشاطبية ، ترجمته في نكت الهميان ٢٢٨ ـ ٢٢٩ ، وشذرات الذهب : ٤ / ٣٠١ ـ ٣٠٣ ، ووفيات ابن قنفذ : ٢٩٦ وفيها وفاته سنة ٥٨٩ ه ، والديباج المذهب : ٢٢٤.