لهذا المعنى إذ هي السّرّ الّذي دعي إلى حضوره ، وقد سمّاها النّبيّ صلىاللهعليهوسلم مناجاة فقال : «إنّ المصلّي يناجي ربّه فلينظر بما يناجيه به» (١).
ومنها أنّه يفرّ من الأذان ويرسل على المصلّي ليقع اختبار المخلص من غيره. قلت : وهذا قاصر جدا فإنّه لم يزد على ما في الحديث من تسلّطه في الصّلاة ، وعدم تسلّطه في الأذان ، ولم يجب عن السّؤال بشيء. وهذه الأجوبة على وهيها أمثل ما حكي لي عنه.
وقد كنت أجبت النّاقل عنه حين أورد السّؤال عليّ ، قبل أن يذكر أجوبته ، بأنّه يمكن أن يقال : إنّ طاعة الله بالجملة محاربة للشّيطان ، وجهاد له ، والعدوّ إنّما يفرّ عند كشف الغطاء وبلوغ الغاية في المجاهرة بالعداوة ، وليس في العبارات (٢) أبلغ في هذا المعنى من الأذان وقد عرضت هذا الوجه على الشّيخ الفقيه الصّالح أبي محمّد عبد الله بن عبد السّيّد بمدينة أطرابلس (٣) فاستحسنه وقال لي : إنّ هذا يؤكّده قوله صلىاللهعليهوسلم : «ساعتان تفتح لهما أبواب السّماء ، وقلّ داع تردّ عليه دعوته ؛ حضرة النّداء للصّلاة ، والصّفّ في سبيل الله (٤)» يعني أنّهما ساعتا جهاد.
__________________
(١) أخرجه ابن حنبل في مسنده ٤ / ٣٤٤ ومالك في الموطأ ٦٣ والبيهقي في سننه ٣ / ١٢ وكنز العمال ٧ / ٥٢٩.
(٢) في ط : العبادات.
(٣) أطرابلس : مدينة ليبية على شاطئ البحر. انظر ياقوت ١ / ٢١٧.
(٤) الحديث في الطبراني الكبير ٦ / ٤٠ و ١٥٩ ـ البيهقي ١ / ٤١١ ـ الجامع الصغير ٢ / ٣٠ ـ كنز العمال ٢ / ١٠١ ـ فيض القدير ٤ / ٨١.