٦ ـ أهميّة الرّحلة :
لم تنل رحلة العبدريّ مكانتها بين الرّحلات ، وأوّل من تنبّه إلى شأنها علماء الاستشراق ، الّذين انكبّوا عليها دراسة وترجمة ، وكان «أول من اشتغل بها المستشرق الفرنسي «مانسان» في مقال نشره بالجريدة الآسيويّة ، ثم نشر المستشرق «شربونو» بالجريدة الآسيوية كذلك سنة ١٨٥٤ م مقالا عنها ، أتبعه بترجمة بعض فصولها» (١).
وبقيت هذه الرّحلة حبيسة الرّفوف إلى أن جاء الأستاذ أحمد بن جدّو وحاول أن يخرجها للناس ، فطبعها منقوصة غير تامّة ، وزاد في سوئها كثرة الأخطاء ، ثم طبعت في المغرب بعناية الدكتور محمّد الفاسي ، إلّا أن هذه الطّبعة أيضا لم تف بحقّ الرّحلة ، ولم تقدّمها للنّاس على شكلها الصّحيح ، ويبدو أنّ وقت الدّكتور الفاسي لم يتّسع لأكثر من ذلك ، فدفعها للطّبع بسرعة تحدوه الرّغبة في أن يطّلع عليها جمهور الباحثين والقرّاء ، فخرجت الرّحلة يعتورها بعض النّقص ، والتّصحيف والتّحريف ، وخلت ـ أو كادت ـ من التّعليقات الضّروريّة لا يضاح ما يستغلق فهمه لدى قراءتها.
وممّا يدلّ على أهميّة هذه الرّحلة انتشار نسخها المخطوطة في كثير من مكتبات العالم (٢). واحتفال المؤرخين بها إذ نقل كثير منهم عنها كالتّنبكتي صاحب «نيل الابتهاج» الّذي أفاد منها أيّما إفادة ونقل كثيرا من التّراجم عنها ، وعدّها مصدرا من مصادر كتابه (٣). ونقل عنها الوزير السّرّاج في
__________________
(١) مقدّمة طبعة الرّباط صفحة ١ ج.
(٢) حاولنا حصر بعض نسخها المخطوطة في منهج التحقيق.
(٣) انظر نيل الابتهاج : ٦٨ ـ ١٠٣ ـ ١٥٢ ـ ١٦٣ ـ ١٦٤ ـ ٢٠٣ ـ ٢٢٢.