رجائها حوضا ولا نهرا ، ولا تجتلي روضا يحوي نورا ولا زهرا ، بل هي «أقفر من جوف حمار» ، (١) وأهلها «سواسية كأسنان الحمار (٢)» ، ليس على ناشئ منهم فضل لذي شيبة (٣) ، ولا لذي الفضل منهم (٤) هيبة ، ترى أجساما حاضرة والعقول في عقل غيابات الغيبة ، ملابس يلبسها ليلبس بها من ملابس العيوب العيبة ، إلى بخل لو مازج ماء البحر جمد ، أو خالط الهواء سكن في آذار وركد. وخلق يضيق به متّسع الفضاء ، ونزق يحقّ له في ذمّهم كشف الغطاء. وأذهان أربت في الضّيق على الخاتم ، سواء لديها (٥) من حارب ومن سالم : [السريع]
كأنّهم من ضيق أفهامهم |
|
لم يخرجوا بعد إلى العالم |
فسبحان من خلقهم (٦) وأهل تونس في طرفي نقيض ، أولئك في الأوج وأولاء في الحضيض.
__________________
(١) في المثل : أخلى من جوف حمار ، وهو رجل من عاد يقال له حمار بن مويلع. وجوفه واد خصيب ، وفيه من كل الثمرات ، فخرج بنوه يتصيدون ، فأصابتهم صاعقة فهلكوا ، فكفر وقال : لا أعبد من فعل هذا ببنيّ ، ودعا قومه إلى الكفر فمن عصاه قتله ، فأهلكه الله تعالى وأخرب واديه ، انظر ثمار القلوب ٨٤ والميداني ١ / ٢٥٧.
(٢) المثل في أمثال أبي عبيد ١٣٢ ، وجمهرة الأمثال ١ / ٥٢٢ ، ومجمع الأمثال للميداني ١ / ٣٢٩ ، والمستقصى ٢ / ١٢٣ وفصل المقال ١٩٦ ، واللسان سوا.
(٣) إشارة إلى قول كثير في ديوانه ٣٨٤ :
سواء كأسنان الحمار فلا ترى |
|
لذي شيبة منهم على ناشيء فضلا. |
(٤) في ط : بينهم.
(٥) في ت : لديهم.
(٦) في ت وط : جعلهم.