فصل
[حكم السفر]
وقد رأيت أن أثبت في هذا الفصل ما أعتقد أنّه الفصل في حكم السّفر بهذه البلاد ، لقضاء فريضة الله على العباد ، فأقول : (١) إنّ المرء إن كان (٢) عريّ الفؤاد من أوار (٣) الهوى ، خليّ الأحشاء من نار الجوى ، (٤) ساكن البال والبلبال (٥) ، منفسح المجال عن الأوجال (٦) ، صاحي اللّبّ سليم الحشا ، ثابت (٧) الذّهن قعد أومشى. فمهما أجرى السّؤال في هذا المجال ، وسأل عن حكم اشتغال باشتعال ، وغرام باضطرام ، والتدام (٨) في احتدام ، وتطرّق إلى تحرّق ، وتألّق (٩) من تملّق [٤٥ / ب] ، واضطراب لاقتراب ، وافتراق لاجتماع ، وإغراق في انخلاع ، شرب من كأس الحبّ حتّى ارتوى ، وذوى بدنه من خوف النّوى ، وهام بذكر حاجر (١٠) واللّوى (١١) ، نقل عن نسيم الصّبا حديث نجد (١٢) وروى ،
__________________
(١ ـ ١) ـ في ط : إن كان المرء.
(٢) الأوار : شدة لفح النار ووهجها.
(٣) الجوى : الحرقة ، وشدة الوجد من عشق أو حزن.
(٤) البلبال : شدّة الهمّ والوسواس.
(٥) الأوجال : المخاوف.
(٦) في ط : ثبت.
(٧) الالتدام : الاضطراب.
(٨) في ت وط : في تملّق. والتملّق : التودّد والتّلطّف.
(٩) حاجر : منزل من منازل الحاج في البادية ، وهو موضع في ديار تميم. انظر معجم ما استعجم ٤١٦.
(١٠) ـ اللّوى : هو في الأصل منقطع الرملة ، وهو موضع بعينه قد أكثر الشعراء من ذكره. وهو واد من أودية بني سليم. انظر ياقوت ٥ / ٢٣.
(١١) ـ النجد : ما غلظ من الأرض وأشرف. وكل ما ارتفع من تهامة في الجزيرة العربية فهو نجد.