وما رأيت في أرض برقة مع اتّساعها ما يحلى بعين الرّامق ، وتعلق به مقة الوامق (١) ، سوى مسكن رأيته في خلاء من الأرض بين الرّجل المشقوق وقصر الصّفاقنة (٢) منقور (٣) في حجر صلد (٤) بأصل جبل ، على صورة دار رائقة ، وعلى بابها صفة ، ولها بناء مليح نقر فيه عن يمين وشمال صور بيوت لم يتمّ عملها. وإذا دخلت من باب الدّار ألفيت قبّة مليحة متّسعة مرتفعة السّمك ، مربّعة منقوشة بأبدع النّقش. وفيها مصاطب قد دارت بها حتّى اتّصلت بالباب ، وقبالة الباب باب آخر يطلع منه على درج إلى بيت آخر كبير ، وجميع ذلك منحوت في حجر صلد يفوت الوصف إتقانه ، فسبحان من يرث الأرض ومن عليها وإليه المرجع والمصير (٥). وقد رأيت نحو هذا في موضع آخر من أرض برقة حال الرّجوع ، وسيأتى ذكره إن شاء الله تعالى
فصل
[لمحة تاريخية]
وبرقة مدينة قديمة من بناء الرّوم ، وكان اسمها عندهم أنطابلس. قال البكريّ «ومعناها بلغة الرّوم الإغريقية خمس مدن (٦) ، ومعنى أطرابلس ثلاث مدن» (٧). وليس الآن هناك مدينة تسمّى برقة ، ولا مدينة مذكورة إلّا طلميثة ،
__________________
(١) الوامق : المحبّ.
(٢) في ت وط : الصعاقبة.
(٣) ليست في ط.
(٤) الصّلد : الصّلب الأملس.
(٥) افاد من قوله تعالى في سورة مريم ٤٠(إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ)
(٦) في ت وط مدائن والقول في المغرب في ذكر إفريقية والمغرب ٤
(٧) المغرب في ذكر إفريقية والمغرب ٦ ـ ٧.