وذكر لي بعض أصحابنا ممّن حجّ معنا ، أنّ شخصا شرب من زمزم فقال : في هذا الماء رائحة الحبل ، وحرّك الباء على عادة (١) أهل الغرب ، يعني الرّشاء المستقى (٢) به ، فسمعه أعرابيّ ، فقال له : ومن أين جاءت رائحة الحبل إلى الماء؟ فأشار له إلى الرّشاء. فقال له : قل الحبل ، ولا تقل : الحبل.
وأمّا نادر ألفاظ اللّغة وما جرت عادة أهل الغريب بتفسيره ، فهم حتّى الآن يتحاورون به على سجيّتهم. فمن ذلك أنّ شخصا منهم وقف عليّ بموضع نزولي من محلّة الركب ، وكانت التّرعة (٣) منه بعيدة ، فقال لي : يا سيّدي! تدعني أظهر يعني أخرج. [٤٨ / آ].
وسألت شخصا منهم عن (٤) الطّريق ، فقال لي : إذا ظهرتم من الغابة فخذوا (٥) صوب كذا يعني إذا خرجتم منها. وهذا اللّفظ قد أكثر فيه أهل الغريب في تفسير قول عروة بن الزّبير (٦) رضياللهعنه : «ولقد حدّثتني عائشة زوج النّبيّ صلىاللهعليهوسلم أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يصلّي العصر والشّمس في حجرتها قبل أن تظهر (٧)». وأتوا عليه بشواهد وأمثال.
__________________
(١) في ت : لغة.
(٢) في ت : المستسقى.
(٣) التّرعة : مقام الشاربة من الحوض ، والتّرعة : فم الجدول ينفجر من النهر.
(٤) في ت وط : على.
(٥) في ط : فخذ.
(٦) عروة بن الزبير بن العوام أحد الفقهاء السبعة في المدينة لم يشارك في الفتن ، توفي بالمدينة سنة ٩٤ ه له ترجمة في غربال الزمان ٨٣ وشذرات الذهب ١ / ١٠٣.
(٧) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة باب مواقيت الصلاة وفضلها رقم ٥٢٢ ، ٢ / ٦.