وحلاوة المذاقة. كلّ عنها ظفر الزّمان ونابه ، وملّ منها جيش الحدثان وأحزابه. فلم تبد عليها للزّمان ضراعة. ولا وكست (١) لها في معاملاته سلعة ولا بضاعة. ولا وقفت له موقف ذلّ يوما ولا ساعة. بل ثبتت لحزبه (٢) ثبوت البطل ، وصابرت كيده حتّى اضمحلّ سحره وبطل ، ولم تصغ أذنا إلى ما يوعد به من الخنا والخطل (٣). فهي واقفة وقوف الأطواد (٤) ، سامية بطرف غير كليل ، وجيد غير مناد (٥). آخذة (٦) من الكفر وأهله بالمخنّق (٧) ، حتّى أبدلتهم من الصّافي المروّق الكدر المرنّق (٨) ، فسامروا الأسف مسامرة النّدى للمحلّق (٩). ودجا عليهم ليل [همّ](١٠) ادلهمّ بعد نهار سرور تألّق ، واضطرم عليهم الأسى واحتدم فحالفوا النّدم ، وقالوا : عوض لا يتفرّق (١١). مدينة فسيحة الميدان ، صحيحة الأركان ، مليحة البنيان ، تسفر عن محيّا جميل المنظر ، وترنو بطرف ساج (١٢) أحور. وتبسم عن ثغر كالأقحوان إذا نوّر ، كأنّه لم يغب عنها
__________________
(١) الوكس : اتضّاع الثمن في البيع.
(٢) في ت : لحربه. وينظر المصنّف إلى موقف موسى من حزب فرعون حين قال : (ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ) سورة يونس ٨١.
(٣) الخنا : الفحش في الكلام والخطل : الكلام الفاسد.
(٤) الأطواد : جمع طود وهو الجبل.
(٥) منآد : معوج.
(٦) في ت : وأخذت.
(٧) في ط : بالخنق ، والمخنّق : موضع الخنق من العنق.
(٨) الرنق : تراب في الماء من القذى ونحوه ، والمرنّق : المعكّر.
(٩) هو المحلّق الكلبي ممدوح الأعشى الذي قال فيه :
تشب لمقرورين يصطليانها |
|
وبات على النّار النّدى والمحلّق |
وكان الأعشى سببا في تزويج بناته انظر الأغاني ٩ / ١١٣ ـ ١١٤.
(١٠) ـ من ت وط.
(١١) ـ أفاد من قول الأعشى في ديوانه ٢٢٥
رضيعي لبان ثدي أم تحالفا |
|
بأسحم داج عوض لا نتفرّق |
أي لا نتفّرق أبدا.
(١٢) ـ طرف ساج : فاتر.