ونكروا (١) منها ما قد نكّرته الدّمامة والذّمامة (٢) ، وجمجموا (٣) قولا رماه اللّكن (٤) عن قوس العجمة سهامه ، الحسد فيهم مضطرم النيران ، قد أفسد أمزجتهم فحالت الألوان. فإن سمعوا بفاضل فهو يوم بحران (٥) ، أخرسهم العيّ فعاذوا بالصمّات ، فإن سئلوا سكتوا لا عن كبر ولا عن إخبات (٦) ، ومنهم من أضناه الحسد فالسّكوت منه [٥٠ / آ] سبات. تمالؤوا على كلّ وصف شان ومازان ، وتواطؤوا (٧) على تطفيف المكيال والميزان. فإن عاملهم غريب ، لم يلق منهم إلّا ما يريب ، يتّخذونه هدفا ولكلّ منّهم فيه سهم مصيب ، حتّى يخرج من ماله بغير نصيب. لا ترجى منهم فيئة (٨) إنابة (٩) ، ولا تلفى فيهم فئة رأفة ولا عصابة ، ولا ينفع الغريب في معاملتهم أن يقول : لا خلابة (١٠). حسبك ببلد أربى في الحسن على البلاد ، وله من الفضيلة كلّ طارف وتلاد (١١) ، وليس به من أهل الفضل إلّا آحاد ، قلّوا عددا واتّحدوا كلّ الاتّحاد. فهم فيهم أقلّ من التّوفيق ، غرباء بينهم في كل معنّى وطريق.
__________________
(١) نكّروا : غيرّوا.
(٢) الدّمامة : القبح ، والذّمامة : سوء الأخلاق.
(٣) الجمجمة : أن لا يبين كلامه من غير عيّ.
(٤) اللّكن : عجمة في اللسان وعيّ.
(٥) في الأصل : بوم بحران ، وفي اللسان «بحر» : والأطبّاء يسّمون التغيّر الذي يحدث للعليل دفعة في الأمراض الحادّة : بحرانا ، يقولون : هذا يوم بحران بالإضافة.
(٦) الإخبات : التواضع.
(٧) في ت وط : تواصوا.
(٨) الفيء على ذي الرحم : العطف عليه والرجوع إليه بالبر.
(٩) الإنابة : الرجوع إلى الله بالتوبة.
(١٠) ـ لا خلابة : لا خداع.
(١١) ـ الطارف : المستحدث ، والتّلاد : القديم.