وقد رأيت بها أفرادا من أهل الفضل علما ودينا ، وددت لو منحت في ذكر فضلهم قلبا حافظا ، ولسانا مبينا ، فمنهم من استكتمني اسمه ، وعاهدني (١) على ألّا أذكر رسمه ؛ عملا على منهج زهده ، ومحجّة تقواه ، وصونا للأخوّة أن يشوبها حظّ لغير الله ، على أنّي لو سمّيته وحليّته ، لقصّر بي كلّ ما رويته وروّيته (٢) ، وكيف يوفي اللّسان ـ وإن أطنب في شكره ـ حقّ من يستنزل القطر بذكره. نفعه الله وإيّاي [٥٣ / ب] بجميل قصده ، وتغمّد كلّا منّا برحمة تولّيه الصّفح عن سهوه وعمده ، وأوزعني شكر ما منحني من إقباله عليّ بحبّه ، وأفاض عليّ من بركاته وأنوار قلبه.
[لقاؤه لابن المنيّر]
ومنهم الشّيخ الجليل الفاضل ، الفقيه العالم الكامل ، الرّئيس الأوحد ، القاضي العادل (٣) ، شرف الفقهاء والمفتين ، واسطة قلادة المدرّسين. صدر البلغاء ورأس الكّتاب والنّاظمين. وحيد العلماء وفخر (٤) المصنّفين ، ذو المآثر السّنية ، والمفاخر العليّة ، زين الدّين أبو الحسن عليّ بن محمّد بن منصور المالكيّ (٥) ، يعرف بابن المنيّر ، حفظ الله مجادته ، ومكّن سعادته. لقيت منه بحر علم تفيض أمواجه ، وغيث سماح لا يغيض ثجّاجه (٦). له تصرّف في
__________________
(١) في ت وط : وعاقدني.
(٢) ليست في ط.
(٣) في ت : العدل.
(٤) في ت وط : وبحر.
(٥) توفي زين الدين بن المنير في ذي الحجة سنة ٦٩٥ ه ، انظر شجرة النور الزكية ١ / ١٨٨.
(٦) مطر ثجّاج : مصبوب سائل.