المسك بأرجها ، وتباهي المنابر بدرجها ، ومن أثنى على الدّهناء (١) فما داهن ، ولا ذكر إلّا الحقّ من محاسنها وما حاسن. وكم من حنين إلى حنين ، وما كان البلد في الأمن إلا بدر فإنّها قرّة العين ، ولله رملتها البيضاء مقترنة بالصّفراء ، فإنّهما لأزهى من البيضاء والصّفراء ، ومن وصل إلى الجحفة (٢) ، فقد حصل على التّحفة ، ويعجبني التّشويق إلى عقبة السّويق ، ويحضر في خليص الإخلاص (٣) ، ويتدرّج من المدرج إلى فرجة الخلاص ، ويشتدّ الظّهر عند مرّ الظّهران (٤) ، ويتمتّع عنده بنغمات أهل التّمتّع والقران ، وتعيش النّفس عند مساجد عائشة (٥) وتطير هناك القلوب الطّائرة الطّائشة ، ولله حسن الثّنيّة إذا ابتسمت ، وجلالة مفرق الطّرق إذا انقسمت ، والعدول إلى طريق باب بني شيبة ، بالفوز الّذي ليس بعده خيبة. وهنالك تنثلّ الجعبة ، عند الإشراف على الكعبة ، فلا يبقى كامن إلّا ظهر ، ولا سرّ إلا اشتهر وانتشر ، ولا طرف إلّا انبهت ، ولا قلب إلّا انبهر (٦) ، ولا شمل إلّا انتظم ، ولا دمع إلّا انتثر : (٧) [الخفيف]
__________________
(١) الدهناء : رمال في طريق اليمامة إلى مكة ، لا يعرف طولها ، وأما عرضها فثلاث ليال ، ويقال في المثل : أوسع من الدهناء. انظر ياقوت ٢ / ٤٩٢.
(٢) الجحفة : كانت قرية على طريق المدينة من مكة على أربع مراحل ، وهي ميقات أهل مصر والشام إن لم يمروا على المدينة ، ويقول حمد الجاسر : درست الجحفة ولم يبق سوى أطلالها ومسجد حديث بني فيها وتقع بقرب بلدة رابغ شرقها بميل نحو الجنوب بما يقارب ال ١٥ كم ، انظر المناسك ٤١٥.
(٣) خليص : حصن بين مكة والمدينة. انظر ياقوت ٢ / ٣٨٧.
(٤) مر الظّهران : موضع على الطريق بين مكة والمدينة ، قال ياقوت على مرحلة من مكة. انظر ياقوت : ٥ / ١٠٤.
(٥) مسجد عائشة وهو بعد الشجرة بميلين وهو دون مكة بأربعة أميال ، وبينه وبين أنصاب الحرم غلوة. انظر رحلة القلصادي حاشية رقم ٢١٨ ، والغلوة قدر رمية بسهم.
(٦) في ت وط : انبهم.
(٧) البيت في المستطرف ١٦٠ ، وفي أنس الساري والسارب ٩٧ دون عزو.