هذه دارهم وأنت محبّ |
|
ما بقاء الدّموع في الآماق (١) |
قلت : والفقيه الإمام أبو الحسن زين الدّين ممّا يسرّ العاقل بمعرفته ، ويطنب القائل في صفته. ولولا اتّقاء فيما يتطرّق إلى الكلام من الهوى ، لبالغت فأبلغت بريد القلب ما نوى ، على أنّه قد ترجم [٥٨ / ب] عن كماله عدم أضرابه في القطر وأشكاله ، لا أخلى الله الأرض من مثله (٢) ، ولا أعدمه من إحسانه ثجّاج وبله ، بمنّه وجوده وفضله.
[لقاؤه للغرّافي]
ولقيت بالإسكندريّة سيدي الشّيخ الأجلّ ، الرّاوية ، المحدّث ، الشّريف ، الأوحد ، ذا الحسب الباهر ، والشّرف الظّاهر ، والأخلاق المعربة عن الكمال ، والعزّة الفاضلة الّتي تدلّ عليه من غير سؤال ، سليل بيت النّبوّة ، وحليف الفضل الظّاهر والمروّة ، تاج الدّين ، أبا الحسن ، عليّ بن الشّيخ الفقيه العالم المحدّث أبي العبّاس أحمد بن عبد المحسن الحسيني الغرّافي (٣) ، حفظ الله عليه ما منحه من الفضائل ؛ وما أقام له على صحّة كماله من الدّلائل ؛ لقيته فرأيت منه فضلا لو تجسّد لملأ الفضاء ؛ وعقلا سلب النّيق (٤) الرّكانة (٥) والمرهف المضاء ، وبشرا لو كان في وجه الدّهر لم تخش (٦) نوائبه ؛ وأريحيّة علويّة (٧)
__________________
(١) في أنس الساري : ما احتباس الدموع.
(٢) في ت : أمثاله.
(٣) توفي تاج الدين الغرّا في سنة ٧٠٤ ه انظر شذرات الذهب ٦ / ١١.
(٤) النّيق : الجبل الطويل.
(٥) في ط : الدكانة ، والركانة : السكون والوقار.
(٦) في ت وط : لم يخش.
(٧) في ط : نبوية.