لو حلّت في هرم لا هتزّت من الشّباب ذوائبه ؛ وتواضعا أسكنه مهج القلوب ، وأحلّه منها محلّ الغرض المطلوب. له رواية عالية متّسعة ببغداد والعراق ومصر ، وله رحلة إلى الحجاز حجّ فيها. وقد جمع أسماء شيوخه في «برنامج» له ، وهو شيخ مفيد ممتع المجالسة ، كثير (١) التّواضع ، متفنّن في العلم ، متين الدّين ، قويّ الرّجاء في أهله ، حسن الظّن بهم ، سنّي المعتقد ، شافعيّ المذهب ، خير كلّه ، نفعه الله ونفع به ، سألته عن معنى نسبته : الغرّافي ، فقال لي : غرّاف موضع بالعراق وكان موضعنا فنسبنا إليه.
قرأت عليه «ثلاثيّات البخاريّ» (٢) وكتبتها من أصله ، وحدّثني بها عن الشّيخ الصّالح أبي الحسن عليّ بن أبي بكر بن عبد الله بن روزبة القلانسيّ سماعا لجميع «البخاريّ» عليه ، عن أبي الوقت عبد الأوّل بن عيسى بن شعيب السّجزيّ سماعا عليه عن أبي الحسن بن عبد الرّحمن بن محمّد بن المظفّر الدّاوديّ البوشنجيّ عن أبي [٥٩ / آ] محمّد عبد الله بن أحمد بن حمويه السّرخسيّ عن أبي عبد الله محمّد بن يوسف بن مطر الفربريّ عن البخاريّ.
وقرأت عليه أحاديث إسماعيل بن جعفر من جزء أبي صالح محمّد بن أبي الأزهر المكيّ ، عرف بابن زنبور (٣) ، وكتبتها من أصله ، وسمعت من لفظه حديث عبد الله بن عمرو : «الرّاحمون يرحمهم الرّحمن» (٤) ، وهو أوّل حديث
__________________
(١) في ط : كبير.
(٢) والمراد به ما اتصل إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم من الحديث بثلاثة رواة ، وتنحصر الثلاثيات في صحيح البخاري في اثنين وعشرين حديثا الغالب عن مكي بن إبراهيم وهو ممن حدثه عن التابعين وهم في الطبقة الأولى من شيوخه. انظر كشف الظنون ٥٢٢.
(٣) في ت : زيتون.
(٤) هو أول حديث أخرجه الترمذي ، رقم ١٩٢٤ في البر والصلة ، باب ما جاء في رحمة المسلمين ، وأبو داود رقم ٤٩٤١ ، في الأدب ، باب في الرحمة. وقال الترمذي : «هذا حديث حسن صحيح».