وأنشدني للبحتريّ : (١) [الطويل]
ظعنت فلم أصبح لظعنك نادما |
|
رضيت بأن تنأى وترجع سالما |
وما ذاك إلّا لاعتناقك ظاعنا |
|
وأخرى انتظارا لاعتناقك قادما |
رضيت بتسليم وغيبة أشهر |
|
إذا لم تكن لي في مقامك راحما (٢) |
ولمّا عزمت على السّفر ، قال لي : أتعلم (٣) أنيّ بتّ البارحة مهموما؟ قلت : لماذا؟ قال : لأجل فراقك. وقيّد اسمي ونسبي في برنامج شيوخه ، وقيّد عني أبياتا من شعري وكتب بخطّه جميع القصيدة الّتي كتبت بها إلى ولدي محمّد ـ وفّقه الله ـ من القيروان ، وبالغ في استحسانها ، وسمع مني القصيد الحجازيّ الّذي قلته في طريق الحجّ.
ولمّا ودّعني في منصرفي إلى الحجاز أخذ بيدي وقال لي : استودع الله دينك ، وأمانتك ، وخواتم عملك ثلاث مرّات. ثم قال لي : ردّ عليّ مثلها ففعلت ، وأنشدني مودّعا باكيا في انصرافي عنه إلى الغرب : (٤) [الوافر]
أودّعكم وأودعكم جناني |
|
وأنثر عبرتي نثر الجمان (٥) |
وقلبي لا يريد لكم فراقا |
|
ولكن هكذا فعل الزّمان (٦) |
__________________
(١) عبارة وأنشدني البحتري ساقطة من ط ، والأبيات لم أقف عليها في المطبوع من ديوان البحتري.
(٢) في ط : رغبة أشهرا. وهو تصحيف واضح.
(٣) ليست في ط.
(٤) البيتان لابن دقيق العيد في ديوانه ١٨٥ ، وهما في النجوم الزاهرة ٥ / ٢٢٨ والوافي بالوفيات ٥ / ١١٢ منسوبان لمحمد بن نصر بن منصور بن سعد القاضي المتوفى سنة ٥١٨ ه.
(٥) في الديوان أودعكم حياتي ، وانثر دمعتي.
(٦) في الديوان وت وط : ولكن هكذا حكم الزمان.