التّطهير إضافة الماء بالمقدار الّذي يغيّره لو كان مخالفا ، فيه نظر. قلت : وهذا تفسير جيد مناسب لما تقدّم [٦٦ / ب] من كلام المؤلّف على الماء المضاف ، ويحتمل وجها آخر وهو التّشكّك في الماء ، هل هو ماء مطلق أو غيره ممّا [هو](١) على صفته ؛ فإذا وجدنا مائعا هو على صفة الماء المطلق ولم نقطع بأنّه ماء مطلق ، وجوّزنا أن يكون مائعا آخر ، فهل يحمل على الماء أو على غيره فيه نظر؟ وقد عرضنا (٢) عليه هذا الوجه ، فقال : يحتمل ، قلت : وهذا الوجه لم أقف فيه على نصّ والأظهر في الوجه الأوّل أنّ التّقدير المذكور لا بدّ منه ، فإن حصل في الماء من المائع الّذي على صفته ما يغيّره لو كان مخالفا سلبه التّطهير ، ولو كان ذلك لا يؤثّر لبقاء الماء على صفته ، لصحّ الوضوء بنقطة ماء صبّ عليه قنطار من مائع آخر على صفته. وقد روى أشهب عن مالك في «العتبيّة» (٣) المنع في أخذ المتوضىء الماء بفيه لغسل يديه. وأشار الباجيّ في تعليله إلى ما ذكرنا. وروى موسى بن معاوية عن ابن القاسم جوازه ، واعتبر بعدم ظهور الإضافة مع أنّ الغالب أنّ الرّيق يضيفه ، والأظهر في الوجه الثّاني حمله على الماء المطلق حملا على الغالب ، واعتبارا بالأكثر لأنّ الغالب أنّ المائع الّذي على صفة الماء هو ماء مطلق ، وتجويز غير ذلك تشكّك (٤) ووسوسة لم تبن على أمارة ، فلا تؤثر كما لو تحقّق أنّه ماء مطلق
__________________
(١) زيادة من ت.
(٢) في ت : عرضت.
(٣) منسوبة إلى مصنّفها فقيه الأندلس محمد بن أحمد بن عبد العزيز العتبي القرطبي المتوفى سنة ٢٤٥ ه واسمها كاملا : «المستخرجة العتبية على الموطأ» وهي مسائل في مذهب الإمام مالك. انظر كشف الظنون ١١٢٤.
(٤) في ط : تشكيك.