الافتقار إلى ما لا يغنيهم ، بل يعنتهم مع (١) السّاعات ويعنيّهم. والشّيطان (يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ)(٢) أما إنّه قد كان الآحاد من أهل العلم ينظرون فيه غير مجاهرين ، ويطالعونه لا متظاهرين ، لأنّ أقلّ آفاته أن يكون شغلا بما لا يعني الإنسان ، وإظهار حوجه (٣) إلى ما أغنى عنه الرّبّ المنّان ، والّذي دعا بعض الفضلاء إلى مطالعته [٧٠ / آ] هو اتّقاء شرّه ، والحذار من غائلته (٤) ومكره ، وقد قال عمر رضياللهعنه : «من لم يعرف الشّرّ أجدر (٥) أن يقع فيه» ونظم هذا بعضهم فقال (٦) : [الهزج]
عرفت الشّرّ لا للشّر |
|
ر لكن لتوقّيه |
ومن لم يعرف الشّرّ |
|
من النّاس يقع فيه |
وأما هؤلاء ، فقد جعلوه من أكبر المهمّات ؛ واتّخذوه عدّة لللنّوائب والملمّات ؛ فهم يكثرون فيه الأوضاع ؛ وينفق كلّ منهم في تحصيله العمر المضاع. ويحهم! أما سمعوا قول داعي الهدى لمن أمّه ، حين رأى عمر كتب التّوراة في لوح فضمّه (٧) ، فغضب وقال مفهما للحافظ الواعي : «لو كان موسى وعيسى حيّين ما وسعهما إلّا اتّباعي» (٨) وإذا لم يوسعه عذرا في الكتاب الّذي
__________________
(١) في ط : على.
(٢) سورة النساء الآية ١٢٠.
(٣) في ط : حوج.
(٤) في ط : غوائله.
(٥) في ت وط : كان أجدر.
(٦) الشاعر هو أبو فراس الحمداني ، والبيتان في ديوانه ٣ / ٤٣١.
(٧) في ط : من فضّة.
(٨) أخرجه أحمد في مسنده : ٣ / ٣٣٨ ، وهو في الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة ٢٩٢.