عقولهم حدّثوا ؛ أتوا من الافتراء بكلّ أعجوبة ، وقلوبهم عن الأسرار محجوبة. الأنبياء ونورهم ، لا الأغبياء (١) وغرورهم ، عنهم يتلقّى ، وبهم يدرك السّول ، (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً. إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ)(٢)(الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ)(٣) [٧٠ / ب] والعلم كتاب الله وسنّة محمّد عليهالسلام. ما ضرّ من وقف عندهما ما جهل بعدهما ، خير نبيّ في خير أمّة (يُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ)(٤) دلّهم من قرب عليه ، واختصر لهم الطّريق إليه ؛ فما ضرّ تلك النّفوس الكريمة ، والقلوب السّليمة ، والألباب العظيمة ، ما روي عنها من العلوم القديمة ، نقّاهم من الأوضار والأدناس ، وقال : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)(٥). كتابهم أعظم كتاب أنزل ، ونبيّهم أكرم نبيّ أرسل. السّيّد الإمام ، لبنة التّمام ، خير البريّة على الإطلاق ، بعث ليتممّ مكارم الأخلاق (٦) ، أنزل الكتاب إليه (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ) ، (٧) هو الشّفاء والرّحمة ، وفيه العلم كلّه والحكمة. معجز في رصفه ، عزيز في وصفه (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ)(٨). آياته باهرة قائمة ، ومعجزاته باقية دائمة. إذ هي للنّبوّة والرّسالة خاتمة. لا تنقضي عجائبه ، ولا تنتهي غرائبه. ماذا أقول وقد بهر
__________________
(١) في الأصل : الأغنياء.
(٢) سورة الجن ٢٦ ـ ٢٧.
(٣) سورة آل عمران ١٩.
(٤) سورة الجمعة ٢.
(٥) سورة آل عمران ١١٠.
(٦) اقتباس من الحديث الشريف : (إنما بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق).
(٧) سورة المائدة ٤٨.
(٨) سورة فصلت ٤٢.