[الأهرام والبرابي]
أمّا أهرامها وبرابيها (١) ، فمبان عجيبة في غاية الغرابة مضمّنة (٢) من الحكمة وغرائب العلوم ما صار أعجوبة على وجه الدّهر. وبين النّاس تنازع في أوّل من بناها ، وفي أيّ شيء قصد بها ، ولهم فيه خوض كثير لا حاجة بنا إليه ، وقد ذكر القاضي صاعد صاحب الطّبقات : «أنّ جماعة من العلماء زعموا أنّ جميع العلوم الّتي ظهرت قبل الطّوفان إنّما صارت عن هرمس الأوّل السّاكن بصعيد مصر الأعلى ، وهو الّذي يسمّيه العبرانيون خنوخ وهو إدريس [النّبي](٣) عليه الصّلاة والسّلام ، وأنّه أوّل من تكلّم في الجواهر العلوية ، والحركات (٤) النّجوميّة ، وأوّل من بنى الهياكل ، ومجّد الله تعالى فيها ، وقالوا : إنّه أوّل من أنذر بالطّوفان ، ورأى أنّ آفة سماوية تلحق الأرض من الماء أو النّار [٧٨ / ب] فخاف ذهاب العلم ودروس الصّنائع فبنى الأهرام والبرابي الّتي في الصّعيد ، وصوّر فيها جميع الصّناعات والآلات ، ورسم فيها العلوم حرصا منه على تخليدها.» (٥).
قال القاضي صاعد المذكور : «وكانت دار الملك والعلم بمصر في قديم الدّهور (٦) مدينة منف ، (٧) وهي على اثني (٨) عشر ميلا من الفسطاط. فلمّا
__________________
(١) البرابي : المعابد. انظر ما كتب عن الأهرام والبرابي في مروج الذهب ١ / ٣٥٩ ـ ٢٦٣. وبدائع الزهور ١ / ١٣ وما بعد وخطط المقريزي ١ / ١١١ ـ ١٢٢.
(٢) في ت وط : متضمنة.
(٣) زيادة من ت.
(٤) في ت : الحركة.
(٥) طبقات الأمم ١٠٦ ـ ١٠٧ بخلاف يسير
(٦) في ت وط : الدهر.
(٧) في الأصل : منوف. ومنف هي منفيس القديمة ، وهي قرية ميت رهينة الحالية وقد نسبت الكورة إليها رغم أنا كانت مدينة مندرسة عند الفتح العربي ، انظر جغرافية مصر للبكري في حاشية الصفحة ٦٢.
(٨) في ط : اثنا وفيها غلط نحوي واضح.