بنى الإسكندر مدينة الإسكندريّة ، رغب النّاس في عمارتها ، فكانت دار العلم (١) والحكمة بمصر إلى أن تغلّب عليها المسلمون ؛ واختطّ عمرو بن العاص على نيل مصر مدينته المعروفة بفسطاط عمرو ؛ فانسرب (٢) أهل مصر وغيرهم إليها ، فصارت قاعدة مصر إلى يومنا هذا»(٣).
قلت : وقد صارت اليوم المدينة الّتي بناها العبيديون قاعدة الدّيار المصريّة بأسرها ، ودار ملكها على الإطلاق ، فسبحان من له الملك على الحقيقة ، وإليه المرجع والمصير ، لا ربّ غيره.
والأهرام (٤) مبان من حجارة ، صارت لإحكامها كالحجر الواحد ، في غاية العلوّ ، متّسعة الأسفل ، مستديرة الشّكل ، فكلّما طلعت انخرطت حتّى صار أعلاها حادّا على شكل المخروط. وليس لها باب ولا مدخل ولا يعلم كيف بنيت.
وقد ذكر البكريّ في المسالك ، وذكره المسعوديّ (٥) ، ومن كتابه نقله البكريّ : «أنّ أحمد بن طولون (٦) صاحب مصر ، استحضر من أرض الصّعيد
__________________
(١) في ت وط : العلوم.
(٢) في ت : فانسرر.
(٣) طبقات الأمم : ١٠٨ بخلاف يسير.
(٤) انظر ما قيل في الأهرام في خطط المقريزي ١ / ١١١.
(٥) هو علي بن الحسين بن علي : مؤرخ ، من أهل بغداد أقام بمصر وتوفي فيها سنة ٣٤٦ ه. له مروج الذهب ، والتنبيه والإشراف. ترجمته في النجوم الزاهرة ٣ / ٣١٥ ـ طبقات الشافعية للسبكي ٣ / ٤٥٦ ، فوات الوفيات ٣ / ١٢.
(٦) أحمد بن طولون : صاحب الديار المصرية ، تركي ، بنى الجامع المنسوب إليه في القاهرة ، ومن آثاره قلعة يافا بفلسطين ، ولي إمرة الثغور وإمرة دمشق ثم إمرة مصر ٢٥٤ ه للخليفة المتوكل ، توفي بمصر سنة ٢٧٠ ه. له ترجمة في بدائع الزهور ١ / ١٦١ ـ ١٧٤ ـ المنتظم ٥ / ٧١ ـ ووفيات الأعيان ١ / ١٧٣.