فإذا أخذته السّياط طار. وما رأيت [أحدا يريد ...](١) التّباعد منهم والتّستّر عنهم ، فلا بدّ لهم أن يقفوا عليه فيضربوه بالمقارع ، وليس في الأرض [من يفعل فعلهم ، لا يكلّون ولا يملّون ولا يضجرون .....](٢) بل يدأبون الّليل والنّهار حتّى يرجعوا إلى مصر بعد ثلاثة أشهر. والّذي جبلهم الله عليه من الحذر والاحتياط أمر يضيق عنه الوصف. لا يخرج أحد منهم من منزله (٣) إلى المسجد أو السّوق ، أو متنزّها (٤) في داخل البلد ، إلّا وهو محتزم كامل الآلة على صورته في وصف الحرب لا يفارقه ذلك على حال ، كما قال مسلم بن الوليد : (٥) [البسيط]
تراه في الأمن في درع مضاعفة |
|
لا يأمن الدّهر أن يدعى على عجل |
والّذي يتحمّلونه من النّصب (٦) ، والعنا في خدمة الرّكب ، والاحتياط عليه ومداراة الضّعفاء منه ، ومواساتهم ، والتّرجّل لحملهم ، لا يقدر عليه إلّا من أهلّه الله للخير ، وأعانه عليه ، فجزاهم الله عن المسلمين [٨٣ / ب] خيرا ، وحالهم في [سير](٧) هذه البرّيّة أنّهم يرحلون في نصف اللّيل ، أو قبله بيسير ، وربّما رحلوا في الثلث الأخير [من اللّيل](٨) والمشاعل تردّ اللّيل نهارا ، فيسرون حتى يصبح ، ويصلّون ثم يستديمون السّير حتّى ترتفع الشّمس فينزلون إلى
__________________
(١) بياض بمقدار ثلاث كلمات والاستدراك من نسخة الأحمدية.
(٢) بياض بمقدار سطر واحد والاستدراك من نسخة الأحمدية.
(٣) ليست في ت.
(٤) ليست في ط.
(٥) ديوان صريع الغواني ١٢.
(٦) النّصب : التّعب.
(٧) زيادة من ت وط.
(٨) زيادة من ط.