في هذا العام قليلا يتعجّب (١) النّاس من قلّته بسبب خروج السّلطان إلى جهاد عكّة (٢). وذكر لي بعض من حجّ قبل هذا العام أنّه أحصى في بعض الأعوام ما في الرّكب من الجمال فوجدت ثمانين ألف راحلة دون [٨٤ / آ] الدّواب.
[مناهل البرّيّة]
[السّويس]
وأمّا مناهل هذه البرّيّة فمن البركة إلى السّويس ثلاثة أيّام ، وهي بئر غزيرة واسعة ، وهنالك ينقطع بحر الشّرق (٣) ، فيدور السّالك من ورائه ويتركه يمينا ولا يزال محاذيا له إلى مكّة ، وثمّة كانت مدينة القلزم (٤) ، وبينها وبين الفرما ـ كورة من مصر على ساحل البحر الرّومي ـ مسيرة يوم ، وما بين هذين الموضعين أقرب مسافة بين البحرين بحر الشّرق وبحر الغرب.
قالوا : (٥) وهذا الحاجز بينهما هو الّذي ذكره الله سبحانه وتعالى في قوله : (وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً)(٦).
[مغبوق]
وماء السّويس ملح لا يكاد يساغ لملوحته ، وخباثة مطعمه ولكن بالقرب منه على نحو عشرة أميال ، أو أزيد قليلا ماء يقال له مغبوق (٧) ، وهو ماء عذب
__________________
(١) في ط : يعجب.
(٢) عكّة : مدينة على ساحل بحر الشام من عمل الأردن وهي مدينة حصينة لها سور. انظر ياقوت ٤ / ١٤٣.
(٣) بحر الشرق : يعني البحر الأحمر.
(٤) القلزم : بلدة على ساحل البحر الأحمر قرب أيلة. انظر ياقوت ٤ / ٣٨٧.
(٥) انظر البكري في جغرافية مصر من كتاب المسالك والممالك ٩٣.
(٦) سورة النمل من الآية ٦١.
(٧) في الأصل مبعوق وهو سهو.