وفيه قبر السّفاف على الطّريق ، وهو رجل من العرب ذكروا أنّه كان فيما مضى يسكن هنالك ، ويقطع على الحجّاج ، ولا يكاد يسلم منه أحد ، حتّى مرض مرضه الّذي مات منه (١). فسمع بأنّ بعض الحجّاج على الطّريق ، فاستدعى بنيه ، وهم يظنّون أنّه يأمرهم بإكرامهم وأنّه قد تاب ، فوجدوه وقد اعتقل لسانه ، فقالوا له : نجير الحجّاج؟ فأشار إليهم : أن لا. فما زالوا يراودونه ويذكّرونه بما حلّ به حتّى أضجروه (٢) ، فرفع يده وأشار إلى فيه أي سفّوهم سفّا ، فسميّ السّفّاف. ثم مات فرجم قبره من ذلك العهد إلى الآن ، وقد صار جبلا من الحجارة ، والله المسؤول في العصمة.
[مغارة شعيب]
ومن هذه المنهلة إلى مغارة شعيب يومان وبعض يوم ، وهي مغارة كبيرة مرتفعة السّمك جدّا ، معجبة الصّفة ، متّسعة (٣) من بابها إلى داخلها ، مضيئة لأجل اتّساعها ، معجبة الصّفة ، وهي في حجر أصّمّ بأصل حدب (٤) غليظ ؛ وفي بابها يسير ارتفاع فإذا دخلتها انحدرت في درج من حجارة جعل لأجل الزّلق. والمغارة نفسها من صنع الله الّذي أتقن كلّ شيء ، ولا قدرة على مثلها لآدميّ ، والماء في قعرها كثير ظاهر من الباب راكد كأنّه بركة مطر (٥) [٨٦ / آ] وهو ماء معين بلا ريب. ولولا ذلك لنزف في سقية واحدة ، وهو عذب
__________________
(١) في ت : فيه.
(٢) في ط : أضجر.
(٣) في ت : متسقة.
(٤) الحدب من الأرض : الغليظ المرتفع.
(٥) في ط : مصر وهو تحريف.