التّقييد بثلثي فرسخ إنّما كان لمسافة المذهب لا لمسافة المغمّس ، ولا يصحّ غير هذا والله أعلم ؛ اللهم (١) إلّا يكون بالحرم موضع آخر يقال له : المغمّس غير الّذي انتهى إليه أبرهة ومات به أبو رغال. وما أظنّ ذلك كائنا والله أعلم (٢).
[ذكر مكّة]
ثم نزل الرّكب بالمحصّب يوم الاثنين سابع ذي الحجة ، وبات به ليلة ثم رحل من الغد ، وهو يوم التّروية إلى منى. وفي [يوم](٣) التّروية دخلت إلى البلد الأمين (٤) ، مقرّ المجد الصّميم ، والشّرف المكين ، فخر بقاع الأرض كلّها على مرّ السّنين ، فأقسم بالله أعظم يمين ، قسما لا يكذب ولا يمين ، ما حرم سكناه إلّا ذو حظّ غبين : [الخفيف]
بلد نحوه يحنّ الرّسول |
|
وبه علّقت قديما عقول (٥) |
بلد إن رأه يوما مشوق |
|
قال : لمني ، أو لا تلم يا عذول |
لو رأى من سناه غيلان ميّ |
|
بارقا لم تشقه تلك الطّلول (٦) |
[٩٠ / ب] أسفي أن حرمت سكنى حماه |
|
وعداني عنه الزّمان المطول (٧) |
__________________
(١) ليست في ت وط.
(٢) في ط : والله الموفق.
(٣) زيادة في ت وط.
(٤) البلد الأمين هو مكّة : وزاد في ت : مكّة شرفها الله تعالى.
(٥) في ط : عقلت قديما.
(٦) غيلان : هو ذو الرمّة الشاعر المعروف. وميّ : الفتاة التي كان يتغزل بها.
(٧) في ت : وعراني ، وفي ط : وعداني عند ، والعدى : التباعد.