[بئر زمزم]
وفي شرقيّ الكعبة بإزاء الباب قبّة زمزم على البئر ، كبيرة متّسعة مربّعة. وفي دورتها (١) حياض متقنة العمل ، دائرة مع القبّة ، تملأ بالماء للوضوء ، وعلى البئر تنّور من رخام. وعمق البئر من أعلاه إلى سطح الماء كما ذكروا نحو من ثلاثين ذراعا (٢) ومن سطح الماء إلى قعر البئر نحو من أربعين ذراعا. ويقال : إنّ عمقه من أعلاه إلى أسفله اثنان وسبعون ذراعا ؛ وسعته قريب من أربعة أذرع ، وماؤه دفيء ، وليس بتلك العذوبة : [الطويل]
ولكن له في النّفس موقع فرحة |
|
تفاجئ بعد اليأس قلب كئيب |
تري صور الأحباب مراة صفوه |
|
فيطفي من الأحشاء لفح لهيب[٩٣ / ب] |
وقد (٣) تمسّحنا به وتوضّأنا ، (٤) وتروّينا منه وتملأنّا ، واقتضينا منه عللا بعد نهل ، فشفى الغلل وأبرأ العلل. وبودّي لو عوّضته (٥) عن كل ماء ، وغنيت به عن كل مشروب ، ووردته دون كلّ منهل ، ولكنّ القضاء منفذ حكمه على ما سرّ العباد وغمّه ، حتّى ينصرف في غير مانواه ، ويروغ كرها عن محجّة هواه ، بالله أعتصم وإيّاه أستقيل ، وهو حسبي ونعم الوكيل.
[جهل الحجاج]
ولم أدخل قبّة زمزم لكثرة الازدحام ، ولا ضاغطت (٦) في دخولها ، لما كنت عزمت عليه من الإقامة ، فأمّلت التّشفّي منها ومن غيرها في وقت الفراغ
__________________
(١) في ت وط : دورها.
(٢) في مستفاد الرحلة ٣٠٣ : أربع وثلاثون ذراعا.
(٣ ـ ٣) ـ في ط : توضأنا به وتمسّحنا.
(٤) في ط : عوّضت.
(٥) ضاغطت : زاحمت