يبنيه هذا الغلام وأبوه. ثم نزل عندها رفقة من جرهم (١). فلمّا شبّ الغلام زوّجوه فجاء إبراهيم عليهالسلام ـ وإسماعيل غائب ـ فسأل زوجته عن حالها فشكت ، فقال لها : قولي لزوجك يغيّر عتبة بابه ، فطلّقها ، وتزوج أخرى ثمّ جاء إبراهيم عليهالسلام فسألها ، فأثنت على الله ، وقالت خيرا ، فقال لها : قولي لزوجك يثبت عتبة بابه ، وسألها عن عيشهم ، فقالت : اللّحم والماء ، فقال : اللهم بارك في اللّحم والماء (٢). قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «فلا يخلو عليهما أحد بغير مكّة إلّا لم يوافقاه» (٣). ثم جاء بعد ذلك وإسماعيل يبري نبلا تحت دوحة قريبا من زمزم ، فقال له : إنّ الله أمرني أن أبني له (٤) ها هنا بيتا ، وأشار إلى أكمة ، فعند ذلك رفعا القواعد من البيت ، يبني إبراهيم ، وينقل إسماعيل الحجارة ، فلمّا ارتفع البناء جاءه (٥) في المقام فوقف عليه وهو يبني ، ويقولان : (رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ). (٦)
ويحكى أنه لمّا أمر الخليل عليهالسلام ببناء البيت قال : يا ربّ بيّن لي صفته ، فأرسل الله سبحانه غمامة على قدر البيت فسارت (٧) معه حتّى نزل مكّة ، فقيل له : ابن على ظلّها ، فبنى ، وكان جبريل عليهالسلام قد استودع أبا قبيس الحجر الأسود حين الغرق ، فلّما بنى إبراهيم عليهالسلام أخرجه إليه
__________________
(١) هو جرهم بن قحطان : جدّ يماني قديم كان له ولبنيه ملك الحجاز ، ولما بني البيت الحرام بمكة كان لهم أمره وأول من وليه منهم الحارث بن مضاض الجرهمي. انظر مروج الذهب ٢ / ٤٧ ـ ٤٩.
(٢) انظر الخبر في المناسك ٤٨٣ ـ ٤٨٤.
(٣) أخرجه البخاري في كتاب الأنبياء ، باب يزفّون النّسلان في المشي رقم ٣٣٦٤ ـ ٦ / ٣٩٦ ـ ٣٩٧ ـ ٣٩٨.
(٤) ليست في ط.
(٥) يبدو أن الفاعل سقط للناسخ بعد الفعل «جاءه». ولعله كان «جبريل».
(٦) سورة البقرة الآية ١٢٧ ، وانظر الحديث بكامله في مصنّف عبد الرزاق ٥ / ١٠٥ ـ ١١١.
(٧) في ط : فصارت.